للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: ان الأكل بالمعروف أن يأخذ من مال الصغير ما يحتاجه عند الحاجة على سبيل القرض ويرده، اذا قدر، وهو مروى عن عمر بن الخطاب.

ورد بأن الثابت عن السلف وفى الأحاديث أن للوصى الفقير أن يأخذ حاجته من مال الصغير دون اسراف ولا تبذير.

وقيل: ان الأكل من مال اليتيم كان مباحا بهذه الآية ثم نسخ الحكم بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ» وقوله:

«إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» ولا دليل على هذا النسخ ولا موجب له.

وقيل: ان المعنى ان من كان من الأوصياء غنيا بماله فليستعفف بغناه ولا يقرب مال اليتيم، ومن كان منهم فقيرا فليأكل من مال نفسه بقدر الكفاف حتى لا يحتاج الى مال الصغير.

وقيل غير هذا وذاك.

قوله تعالى: «فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ»}.

أمر الله تعالى بالاشهاد تنبيها على التحصين والتوثق وازالة للتهم.

وهذا الاشهاد مستحب عند طائفة من العلماء، فان القول قول الوصى لأنه أمين.

وقالت طائفة: هو فرض وهو ظاهر الآية: وليس الوصى بأمين حتى يقبل قوله كالوكيل اذا زعم أنه رد ما دفع اليه أو المودع اذا زعم رد الوديعة، وانما هو أمين الأب فلا يقبل قوله على غيره.

ألا ترى أن الوكيل لو ادعى أنه دفع لزيد ما أمره به الموكل لم يقبل قوله الا ببينة فكذلك الوصى.

ورأى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وابن جبير أن هذا الأشهاد انما هو على دفع الوصى فى يسره ما استقرضه من مال يتيمه حالة فقره. فالآية دليل على وجوب القضاء على من أكل من مال اليتيم والمعنى: فاذا اقترضتم أو أكلتم من مال اليتيم فأشهدوا اذا غرمتم وقضيتم ما أخذتموه والصحيح أن اللفظ‍ يعم هذا وسواه: والظاهر أن المراد: اذا انفقتم شيئا على المولى عليه أو دفعتم اليه ماله فأشهدوا حتى يمكن اقامة البينة اذا وقع خلاف فى ذلك. فان كل مال قبض على وجه الأمانة باشهاد لا يبرأ منه قابضه الا بالاشهاد على دفعه لقوله تعالى:

«فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ» فاذا دفع المال لمن دفع اليه بغير اشهاد فلا يحتاج فى دفعه لاشهاد ان كان قبضه بغير اشهاد.

قوله تعالى: «وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً»}.