للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأيتام وانما ائتمنهم الآباء فلم يصدقوا فى قولهم للايتام - فهو قول بعيد عن معانى الفقه ومنتقض، لأنه لو كان ما ذكره علة لنفى التصديق لوجب ألا يصدق القاضى اذا قال لليتيم قد دفعت المال اليك، لأنه لم يأتمنه. وكذلك فى الأب اذا قال بعد بلوغ الصغير: قد دفعت اليك مالك لا يصدقه لأنه لم يأتمنه.

ويلزم أيضا أن يجب عليهما الضمان اذا تصادقوا بعد البلوغ أنه قد هلك لأنه أمسك ماله من غير ائتمان له عليه.

وأما تشبيه الوصى بالوكيل بدفع المال الى غيره فتشبيه بعيد.

ومع ذلك فلا فرق بين الوصى والوكيل من الوجه الذى صدقنا فيه الوصى، لأن الوكيل مصدق أيضا فى براءة نفسه غير مصدق فى ايجاب الضمان ودفعه الى غيره. وانما لم يقبل قوله على المأمور بالدفع اليه. وأيضا فان الوصى فى معنى من يتصرف على اليتيم باذنه ألا ترى أنه يجوز تصرفه عليه فى البيع والشراء لجواز تصرف أبيه. فاذا كان امساك الوصى المال بائتمان الأب له عليه واذن الأب جائز على الصغير.

صار كأنه ممسك للمال بعد البلوغ باذنه فلا فرق بينه وبين المودع.

٣ - قال الله تعالى: «وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} (١)».

وقد جاء فى تفسير القرطبى لهذه الآية ما يأتى:

المراد بالفاحشة فى هذا الموضع الزنا. وقوله من «نسائكم» أى من نساء المسلمين. اضافة فى معنى الاسلام فلا تدخل الكافرة فى الحكم.

وقوله «فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» أى من المسلمين.

فجعل الله الشهادة على الزنا خاصة أربعة تغليظا على المدعى وسترا على العباد.

وتعديل الشهود بالأربعة فى الزنا حكم ثابت فى التوراة والأنجيل والقرآن.

قال الله تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} (٢)».

وقال هنا «فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ..


(١) الآية رقم ١٥ من سورة النساء.
(٢) الآية رقم ٤ من سورة النور.