للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد بين النبى صلّى الله عليه وسلّم ذلك السبيل وهو الجلد والرجم. ونسخ جميع ما ذكر فى الاية الا ما ذكر من استشهاد أربعة شهود فان اعتبار عدد الشهود باق فى الحد الذى نسخ به الحدان الأولان وهو الجلد والرجم. وقد بين الله تعالى ذلك فى قوله سبحانه «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} (١)».

وقوله «لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون» فلم ينسخ اعتبار العدد فى الشهود ولم ينسخ الاستشهاد أيضا.

وهذا يوجب جواز احضار الشهود والنظر الى الزانيين لاقامة الحد عليهما لأن الله تعالى أمر بالاستشهاد على الزنا وذلك لا يكون الا بتعمد النظر، فدل ذلك على أن تعمد النظر الى الزانيين لاقامة الحد عليهما لا يسقط‍ الشهادة.

وكذلك فعل أبو بكر وعمر مع شبل ابن معبد ونافع بن الحارث وزياد فى قصة المغيرة بن شعبة. وذلك موافق لظاهر الاية.

وقد ذكر المفسرون فى تفسير قوله تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً»}. ان أصحابنا لم يختلفوا أن الشهود اذا كانوا كفارا أو عبيدا أو عميانا أو محدودين فى قذف فانهم يجدون جميعا ولا يحد المشهود عليه.

أما اذا كانوا فساقا فقد اختلف الفقهاء هل يحد الشهود أو لا.

كما اختلفوا فى حد المشهود عليه بهذه الشهادة.

واختلف الفقهاء أيضا فيما اذا جاء الشهود متفرقين وأدوا شهادتهم كذلك.

فقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والأوزاعى: لا تقبل شهادتهم ويحدون ولا يحد المشهود عليه بالزنا.

وقال عثمان البتى والشافعى تقبل شهادتهم ولا يحدون ويحد المشهود عليه.

٤ - قال الله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ٢ شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنّا إِذاً}


(١) الآية رقم ٤ من سورة النور.
(٢) الآية ١٠٦ من سورة المائدة. والآية رقم ١٠٧ من سورة المائدة، والآية رقم ١٠٨ من سورة المائدة.