للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ»}.

وقد جاء فى تفسير القرطبى لهذه الآيات ما يأتى روى البخارى والدارقطنى وغيرهما أن هذه الآيات نزلت فى تميم الدارى وعدى ابن بداء. وكانا نصرانيين يختلفان بتجارتهما الى الشام. فخرج معهما مولى لبنى سهم يقال له بديل بن أبى مريم بتجارة منها جام من فضة منقوش بالذهب وكان مسلما فمرض بأرض ليس بها مسلم. فأوصى اليهما وتوفى بتلك الأرض. فدفعا تركته الى أهله وحبسا الجام وباعاه واقتسما ثمنه. ورفع ورثة السهمى الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واختصموا الوصيين فاستحلفهما عليه السّلام «ما كتمتما ولا لطلعتما» ثم وجد الجام بمكة وعرف أن الوصيين قد باعاه. فحلف اثنان من ورثة السهمى أن هذا الجام للسهمى ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا فأخذوا الجام وفيهم نزلت هذه الآية.

وذكر أن تميم الدارى قد أسلم بعد الحادثة وتأثم وأخبر ورثة السهمى بما كان.

قوله تعالى: «شهادة بينكم» اختار ابن عطية أن الشهادة هنا هى الشهادة التى تحفظ‍ لتؤدى وضعف كونها بمعنى الحضور واليمين ..

والمعنى: اذا قارب أحدكم الموت وحان وقت الوصية فشهادة ما بينكم فى الوصايا شهادة اثنين ذوى عدل منكم أو آخرين من غيركم. فذوا عدل صفة (اثنان) ومن غيركم صفة لآخرين. وهذا الفصل هو المشكل فى هذه الآية.

والتحقيق أن يقال فيه: اختلف العماء فيه على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الكاف والميم فى قوله «منكم ضمير للمسلمين» وآخران من غيركم «للكافرين».

فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة فى السفر اذا كانت وصية. وهو الأشبه بسياق الآية مع ما تقرر من الأحاديث.

وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل وهم: أبو موسى الأشعرى وعبد الله بن قبس وعبد الله بن عباس.

فمعنى الآية على هذا القول: ان الله تعالى أخبر أن حكمه فى الشهادة على الموصى اذا حضر الموت أن تكون شهادة عدلين.

فان كان فى سفر وهو الضرب فى الأرض ولم يكن معه أحد من المؤمنين. فليشهد شاهدين ممن حضره من أهل الكفر.