للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاذا قدما وأديا الشهادة على وصيته حلفا بعد الصلاة أنهما ما كذبا وما بدلا وأن ما شهدا به حق وما كتما فيه شهادة.

وحكم بشهادتهما.

فان عثر بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا ونحو هذا مما هو اثم حلف رجلان من أولياء الموصى فى السفر وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما.

هذا معنى الآية على هذا المذهب.

وهو رأى كثير من التابعين ومن تبعهم.

وقال به من الفقهاء سفيان الثورى ومال اليه أبو عبيد القاسم بن سلام لكثرة من قال به

واختاره أحمد بن حنبل وقال: شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين فى السفر عند عدم المسلمين كلهم يقول «منكم» من المؤمنين ومعنى من «غيركم» يعنى الكفار.

قال بعضهم: وذلك أن الآية نزلت ولا مؤمن الا بالمدينة وكانوا يسافرون بالتجارة صحبة أهل الكتاب وعبدة الأوثان وأنواع الكفرة.

والآية محكمة على رأى أبى موسى وشريح وغيرهما.

والثانى: ان قوله سبحانه «أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» منسوخ.

وهذا قول زيد بن أسلم والنخعى ومالك والشافعى وأبى حنيفة وغيرهم من الفقهاء.

واحتجوا بقوله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» وقوله تعالى «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ»}.

وقد قالوا ان آية الدين من آخر القرآن نزولا وأن فيها «مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» فهو ناسخ لحكم هذه الآية وهو جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين، وقد كان هذا الحكم وقت أن لم يكن اسلام الا بالمدينة فجازت شهادة أهل الكتاب على المسلمين. أما اليوم فقد انتشر الاسلام وطبق الأرض فسقطت شهادة الكفار ولم يبق ما يدعو الى قبولها.

وقد أجمع المسلمون على أن شهادة الفساق لا تجوز والكفار فساق فلا تجوز شهادتهم.

وقد اختلفوا بعد ذلك فيما بينهم.

فذهب أبو حنيفة الى جواز شهادة الكفار بعضهم على بعض وان اختلفت مللهم ومذاهبهم لأن الكفر كله ملة واحدة.

وذهب الباقون الى عدم جواز شهادتهم على بعضهم اذا اختلفت الملة - والكل لا يجيز شهادتهم على المسلمين فى أى حال.

ثم قال القرطبى: قلت ما ذكرتموه صحيح الا أنا نقول بموجبه وأن ذلك جائز فى شهادة أهل الذمة على المسلمين فى الوصية فى السفر