للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى البجرمى (١): يثبت الزنا ببينة لقوله تعالى: «وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ»}.

ولو شهد أربعة رجال بزناها وأربع من النسوة، أو رجلان، أو رجل وامرأتان بأنها عذراء، فلا حد عليها للشبهة، لأن الظاهر من حال العذراء أنها لم توطأ.

ولا حد على قاذفها أيضا، لقيام البينة بزناها، ولاحتمال أن العذرة زالت ثم عادت، لترك المبالغة فى الافتضاض.

ولا حد على الشهود كذلك لقوله تعالى «وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ»}.

وفى المهذب (٢): ومن شهد بالزنا ذكر الزانى ومن زنا به، لأنه قد يراه على بهيمة فيعتقد أن ذلك زنا، والحاكم لا يعتقد أن ذلك زنا، أو يراه على زوجته أو جارية ابنه فيظن أنه زنى.

ويذكر صفة الزنا، فان لم يذكر أنه أولج، أو رأى ذكره فى فرجها، لم يحكم به، لأن زيادا لما شهد على المغيرة عند عمر رضى الله عنه، ولم يذكر ذلك فلم يقم الحد على المغيرة.

فان لم يذكر الشهود ذلك سألهم الامام عنه.

فان شهد ثلاثة بالزنا ووصفوا الزنا وشهد الرابع ولم يذكر الزنا لم يجب الحد على المشهود عليه، لأن البينة لم تكمل ولم يحد الرابع حد القذف، لأنه لم يذكر الزنا ولم يشهد به.

وهل يجب الحد على الثلاثة؟ فيه قولان.

وان شهد أربعة بالزنا، وفسر ثلاثة منهم بالزنا. وفسر الرابع بما ليس بزنا لم يحد المشهود عليه، لأنه لم تكمل البينة، ويجب الحد على الرابع قولا واحدا، لأنه قذفه بالزنا، ثم ذكر ما ليس بزنا.

وهل يحد الثلاثة؟ على القولين.

فان شهد أربعة بالزنا ومات واحد منهم قبل أن يفسر، وفسر الباقون بالزنا لم يجب الحد على المشهود عليه، لجواز أن يكون ما شهد به الرابع ليس بزنا.

ولا يجب على الشهود الباقين الحد


(١) انظر حاشية الشيخ سليمان البجرمى وبهامشه نفائس ولطائف من تقرير الشيخ محمد المرصفى ج ٤ ص ٢١٣، ٢١٤ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٤٥ هـ‍.
(٢) المهذب لأبى اسحاق الشيرازى ج ٢ ص ٣٣٦ الطبعة السابقة.