قال الله تعالى: «وَابْتَلُوا الْيَتامى ١ حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ، وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا، وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً»}.
فانه صريح فى الأمر بدفع الأموال اليهم والاشهاد على هذا الدفع.
واختلفوا فى هذا الأمر هل هو للندب والاستحباب كما قال البعض، لأن الأولياء والأوصياء أمناء فى مال اليتيم والقول قولهم باليمين.
أو هو للفرض كما هو ظاهر الآية، والوصى ليس بأمين اليتيم وانما هو أمين الأب الذى اختاره فلا يقبل قوله فى دفع المال ببينة.
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن الاشهاد المأمور به فى الآية انما هو على دفع الوصى فى حال يسره ما استقرضه من مال اليتيم وأكله فى حال فقره.
وتكون الآية دليلا على وجوب القضاء على من أكل من مال اليتيم شيئا، وأن هذا يعتبر قرضا يجب رده وقضاؤه.
وقال بعض: ان المراد اذا انفقتم شيئا على اليتيم، أو اشتريتم له بعض حاجة فأشهدوا، حتى يمكن اقامة البينة اذا وقع خلاف فى ذلك. فان كل مال قبض على وجه الأمانة باشهاد لا يبرأ منه قابضه الا بالاشهاد على دفعه وانفاقه.
وقد قالوا يجوز للوصى أن يصنع فى مال اليتيم ما كان للأب أن يصنعه فيه حال حياته من تجارة وابضاع وبيع وشراء، وعليه أن يؤدى الزكاة من سائر أمواله عين وحرث وماشية وفطرة ويؤدى عنه أروش الجنايات، وقيم المتلفات، ونفقة الوالدين، وسائر الحقوق اللازمة.
ويجوز أن يزوجه ويؤدى عنه الصداق ويصالح له وعليه على وجه النظر له.
واذا قضى الوصى بعض الغرماء وبقى من المال بقية يفى بما عليه من الدين كان فعل الوصى جائزا.
فان تلف باقى المال فلا شئ لباقى الغرماء على الوصى ولا على الذين اقتضوا ديونهم وان اقتضى الغرماء جميع المال ثم أتى غرماء آخرون فان كان عالما بالدين أو كان الميت معروفا بالدين الباقى ضمن الوصى لهؤلاء الغرماء ما كان يصيبهم فى المحاصة ورجع على الذين اقتضوا دينهم بذلك وان لم يكن عالما بالدين الباقى ولا كان الميت معروفا بذلك فلا شئ على الوصى.
واذا دفع الوصى دين الميت بغير اشهاد ضمن.
(١) الآية رقم ٦ من سورة النساء.