وأما ان أشهد وطال الزمان حتى مات الشهود فلا شئ عليه.
ولما ينفقه الوصى والكفيل من مال اليتيم حالتان:
حالة يمكن الاشهاد عليه، فلا يقبل قوله فيه الا ببينة.
وحالة لا يمكن الاشهاد عليه فقوله مقبول فيه بغير بينة فمهما اشترى من العقار وما جرت العادة بالتوثق فيه لم يقبل قوله فيه بغير بينة.
قال ابن خويز منداد: وقد فرقوا بين أن يكون اليتيم فى دار الوصى ينفق عليه فلا يكلف الاشهاد على نفقته وكسوته لأنه يتعذر عليه الاشهاد على ما يأكله ويلبسه فى كل وقت، ولكن اذا قال:
أنفقت نفقة السنة قبل منه.
وبين أن يكون اليتيم عند أمه أو حاضنته فيدعى الوصى أنه كان ينفق عليه، أو كان يعطى الأم أو الحاضنة النفقة والكسوة، فلا يقبل قوله على الأم أو الحاضنة الا ببينة أنها كانت تقتضى ذلك منه مشاهرة أو مسانهة.
وقالوا: أن الآيات التى ذكرت فى أمر الايتام تدل على أن سبيل الايتام أن يلى عليهم غيرهم فى حفظ أموالهم والتصرف عليهم منها فيما يعود نفعه اليهم وهم وصى الأب أو الجد، ان لم يكن وصى أب أو وصى الجد، أن لم يكن أحد من هؤلاء أو أمين حاكم عدل بعد أن يكون الأمين أيضا عدلا.
وكذلك شرط الأوصياء والجد والأب وكل من يتصرف على الصغير لا يستحق الولاية عليه الا أن يكون عدلا مأمونا.
فأما الفاسق والمتهم من الآباء والمرتشى من الحكام والأوصياء والأمناء غير المأمونين فان واحدا من هؤلاء غير جائز له التصرف على الصغير ولا خلاف فى ذلك.
ألا ترى أنه لا خلاف بين المسلمين فى أن القاضى اذا فسق بأخذ الرشوة أو بالميل الى الهوى وترك الحكم بالحق أنه يكون معزولا غير جائز الحكم، فكذلك حكم الله فيمن ائتمنه على أموال الأيتام من قاض أو وصى أو أمين أو حاكم. فغير جائز ثبوت ولايته فى ذلك الا على شرط العدالة وصحة الأمانة.
وقد أمر الله تعالى: أولياء الايتام بالاشهاد عليهم بعد البلوغ بما يدفعون اليهم من أموالهم.
وفى ذلك ضروب من الأحكام.
أحدها الاحتياط لكل واحد من اليتيم ووالى ماله.
فأما اليتيم، فلأنه اذا قامت عليه البينة بقبض المال كان أبعد من أن يدعى ما ليس له.