بقى الكلام على المسلم يتزوج كتابية.
والحكم فيه أنه لا بد فيه من الشهادة عليه ولا بد من توفر نصاب الشهادة.
واختلف فى شرط الاسلام فى الشهود.
فقال محمد وزفر من الحنفية والشافعى وأحمد أنه يشترط الاسلام فى الشهود، كما هو الحال فى زواج المسلم بالمسلمة، لأن الشهادة على عقد الزواج هى شهادة على الايجاب والقبول فليست اذن شهادة على الزوجة الكتابية وحدها، وانما هى شهادة عليها وعلى الزوج المسلم.
وقد قلنا: ان الشهادة على التحمل فى عقد الزواج شبيهة بشهادة الأداء، فلا تصح هذه الشهادة من غير مسلم على مسلم، كما لا تصح شهادته عليه فى الأداء بالاتفاق.
واحتجوا أيضا بقول النبى صلى الله عليه وسلم «لا نكاح الا بولى وشاهدى عدل».
والمراد بالعدالة فى الحديث عدالة الدين، واجتناب الكبائر، وعدم الاصرار على الصغائر، والاتصاف بالمروءة.
وغير المسلم لا توجد فيه هذه العدالة فلا يصح النكاح بشهادته عملا بنص الحديث.
وقال الامامان أبو حنيفة وأبو يوسف:
انه يصح زواج المسلم بالكتابية بشهادة كتابيين، لأن عقد الزواج وضع لأمرين:
الأول حل استمتاع المرأة بالرجل.
والثانى حل استمتاع الرجل بالمرأة حلا مقصورا عليه وهو ما يسمى ملك الاستمتاع.
ولا شك أن هذا الثانى أجل خطرا وأعظم شأنا وأقوى أثرا من الأول. فان الزوج يشارك الزوجة فى أصل حق الاستمتاع ويزيد عليها بحق اختصاصه بها بحيث لا تحل لأحد سواه، فصح أن يغلب حقه الذى هو نوع من الملكية على حقها.
وبذلك تكون الناحية الغالبة فى الشهادة أنها شهادة للزوج على الزوجة، فيراعى اذن حال المشهود عليه وهو الزوجة.
وما دامت شهادة العقد من نوع شهادة التحمل الشبيهة بشهادة الأداء من حيث أن فيها تسجيلا وتقريرا لحق صاحب الحق. فلزم أن يراعى فيها حالة من عليه الحق الغالب فيكون هو المشهود عليه.
فاذا كانت الزوجة المشهود عليها مسلمة لم تصح شهادة غير المسلم عليها.
واذا كانت كتابية صح أن يشهد عليها شهود من أهل الكتاب سواء كانوا من أهل