للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنه ذكر الطلاق معها ولا يشك أحد فى وقوع الطلاق بغير بينة.

وجاء فى نيل الأوطار للشوكانى (١):

فى شرح حديث عمران بن حصين لما سئل عن الرجل يطلق امرأته ويراجعها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها.

فقال: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد.

ومن الأدلة على عدم وجوب الاشهاد فى الرجعة أنه قد وقع الاجماع على عدم وجوب الاشهاد فى الطلاق لما حكاه الموزعى فى تفسير البيان والرجعة قرينته فلا يجب فيها كما لا يجب فيه ..

وأما قوله تعالى «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» فهو وارد عقب قوله «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ»}.

وقد عرفت الاجماع على عدم وجوب الاشهاد على الطلاق والقائلون بعدم الوجوب يقولون بالاستحباب.

وقد جاء فى فتح القدير (٢): من كتب الحنفية: وأما قوله تعالى وأشهدوا ذوى عدل منكم» فليس بدليل على وجوب الاشهاد فى الرجعة اذ الأمر للندب بدليل أنه قرن الرجعة بالمفارقة فى قوله تعالى «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» ثم أمر بالاشهاد على كل منهما. فقد أمر بشيئين فى جملتين ثم أمر بالاشهاد على كل منهما بلفظ‍ واحد وهو قوله «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» واللفظ‍ الواحد لا يراد به معناه الحقيقى كالوجوب فيما نحن فيه ومعناه المجازى كالندب.

فاذا ثبت ارادة أحد المعنيين بالنسبة لأحد الأمرين لزم أن يراد به نفس ذلك المعنى بالنسبة للأمر الآخر، والا لزم تعميم اللفظ‍ فى المعنى الحقيقى والمجازى معا وهو ممنوع عندنا.

وقد ثبت ارادة الندب بالنسبة للمفارقة أى الطلاق فلزم ارادته أيضا بالنسبة الى المراجعة فيكون الندب المراد شاملا للرجعة والطلاق. وهذا على قولنا.

فهذا ظاهر فى أن الحنفية يقولون:

ان الاشهاد فى الطلاق مندوب وليس بواجب ..

وجاء فى بدائع الصنائع (٣) للكاسانى:

أن الاشهاد على الفرقة ليس بواجب بل هو مستحب.


(١) نيل الأوطار للشوكانى ج ٦ ص ٢٦٨ الطبعة السابقة.
(٢) فتح القدير على الهداية للكمال بن الهمام ج ٣ ص ١٦٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسائى ج ٣ ص ١٨١ الطبعة السابقة.