عندى أن عبدا صفته وحليته كذا وكذا ملك فلان أخذه فلان ابن فلان وينسب كل واحد منهما الى أبيه والى جده على رسم كتاب القاضى الى القاضى.
واذا وصل كتاب القاضى هذا الى القاضى المكتوب اليه وعلم أنه كتابه بشهادة الشهود يسلم العبد اليه ويختم فى عنقه ويأخذ منه كفيلا. ثم يبعث به الى القاضى الكاتب حتى يشهد الشهود عليه عنده بعينه على الاشارة اليه، ثم يكتب القاضى الكاتب اليه كتابا آخر الى ذلك القاضى المكتوب اليه أول مرة، فاذا علم أنه كتابه قبله وقضى وسلم العبد الى الذى جاء بالكتاب، وأبرأ كفيله، ولا يقبل فى الجارية بالاجماع.
ووجه قول أبى يوسف رحمه الله تعالى أن الحاجة الى قبول كتاب القاضى فى العبد متحققة لعموم البلوى به فلو لم يقبل لضاق على الناس ولضاعت أموالهم.
ولا حاجة اليه فى الأمة، لأنها لا تهرب عادة لعجزها وضعف بنيتها وقلبها.
ولهما أن الشهادة لا تقبل الا على معلوم للآية الكريمة «إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»،} والمنقول لا يصير معلوما الا بالاشارة اليه، والاشارة الى الغائب محال، فلم تصح شهادة الشهود، ولا دعوى المدعى لجهالة المدعى به، فلا يقبل الكتاب فيه. ولهذا لم تقبل فى الجارية وفى سائر المنقولات بخلاف العقار، لأنه يصير معلوما بالتحديد، وبخلاف الدين، لأن الدين يصير معلوما بالوصف.
وهذا الذى ذكرنا مذهب الحنفية رضى الله عنهم.
وقال ابن أبى ليلى رحمه الله تعالى:
يقبل كتاب القاضى الى القاضى فى الكل.
وينبغى للقاضى المرسل اليه أن لا يفك الكتاب الا بمحضر من الخصم ليكون أبعد عن التهمة.
ومنها ألا يكون فى الحدود والقصاص لأن كتاب القاضى الى القاضى بمنزلة الشهادة على الشهادة، وهى لا تقبل فيهما كذا هذا.
ومنها أن يكون اسم المكتوب له وعليه واسم أبيه واسم جده وفخذه مكتوبا فى الكتاب حتى لو نسبه الى أبيه ولم يذكر اسم جده أو نسبه الى قبيلته كبنى تميم ونحوه لا يقبل، لأن التعريف لا يحصل به الا أن يكون شيئا ظاهرا مشهورا أشهر من القبيلة، فيقبل لحصول التعريف.
ومنها ذكر الحدود فى الدور والعقار لأن التعريف فى المحدود لا يصح الا بذكر الحدود.
ولو ذكر فى الكتاب ثلاثة حدود يقبل عند أصحابنا الثلاثة.
وعند زفر رحمه الله تعالى لا يقبل ما لم يشهدوا على الحدود الأربعة.