للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - ألا يكون محدودا فى قذف، فلو كان محدودا فى قذف وشهد لم تصح شهادته، وان كان قد تاب لقول الله تبارك وتعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» فان الله سبحانه وتعالى نهى عن قبول شهادة من يحد فى القذف أبدا وجعل عدم قبول شهادته من تتمة عقوبته.

والاستثناء فى الآية «إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» استثناء من قوله «وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» وليس استثناء من قوله «وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً» لأن القاعدة الأصولية عند الحنفية أن الاستثناء والشرط‍ بعد جمل متعاطفة يرجع الى الأخيرة منها لا الى جميعها، ولأن هذا ينافى قوله أبدا - اذ يدل على التأبيد والاستثناء من عدم قبول الشهادة يجعله مؤقتا ومحدودا بالتوبة.

هذا فى المحدود حد القذف.

أما المحدود فى غير القذف كالزنا والشرب والسرقة فانه تقبل شهادته اذا تاب لأنه بالتوبة صار عدلا، ولأنه لم ينص فيها على عدم القبول أبدا.

٧ - ألا يكون متهما فى شهادته بأن لا يكون فيها جر مغنم للشاهد ولا دفع مغرم عنه.

فان كان كذلك بأن جربها المغنم أو دفع بها المغرم لم تقبل شهادته، لقوله صلى الله عليه وسلم لا شهادة لجار المغنم ولا لدافع المغرم، ولأنه يكون متهما فى شهادته ولا شهادة للمتهم. اذ مع التهمة يغلب على الظن كذب الشاهد.

والأصل فى بناء الأحكام القضائية على الشهادة وهى لا تفيد الا الظن، وانما هو دفع لحاجة الناس، فوجب أن يراعى فى خبر الشهود وأحوالهم ما يرجح جانب الصدق فى شهادتهم على جانب الكذب بقدر المستطاع

٨ - ألا يكون خصما فى الدعوى لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين أى متهم فلا تقبل شهادة وصى الميت للميت، ولا وصى الصغير للصغير، ولا الوكيل للموكل، لأن كل واحد من هؤلاء خصم فى الدعوى التى يشهد فيها، اذ هو ممثل لصاحب الحق فيكون مدعيا وشاهدا فى وقت واحد وهذا غير جائز.

٩ - أن يكون عالما بالمشهود به ذاكرا له وقت أداء الشهادة.

فلو نسى المشهود به لم يجز له أن يشهد.

ولو رأى اسمه وخطه وخاتمه على الصك الذى يريد أن يشهد بما فيه مع كونه غير متذكر له، لأنه حينئذ يكون قد شهد بما لم يعلم. والله سبحانه وتعالى يقول