قال المغيرة وكان أصحابنا لا يجيزون شهادتهم على رجل ولا على عبد.
وروى الامام أحمد باسناده عن مسروق قال: كنا عند على فجاءه خمسة غلمة فقالوا: أنا كنا ستة غلمة نتغاط فغرق منا غلام فشهد الثلاثة على الاثنين أنهما غرقاه وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه فجعل على الاثنين ثلاثة أخماس الدية، وجعل على الثلاثة خمسيها وقضى نحو هذا مسروق.
والمذهب أن شهادتهم لا تقبل فى شئ لقول الله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» وقال - واشهدوا ذوى عدل منكم - وقال ممن ترضون من الشهداء - والصبى ممن لا يرضى، وقال - ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه» فأخبر أن الشاهد الكاتم لشهادته آثم، والصبى لا يأثم فيدل على أنه ليس بشاهد ولان الصبى لا يخاف من مأثم الكذب فيزعه عنه ويمنعه منه فلا تحصل الثقة بقوله ولأن من لا يقبل قوله على نفسه فى الاقرار لا تقبل شهادته على غيره كالمجنون يحقق هذا ان الاقرار أوسع، لأنه يقبل من الكافر والفاسق والمرأة، ولا تصح الشهادة منهم، ولأن من لا تقبل شهادته فى المال لا تقبل فى الجراح كالفاسق، ومن لا تقبل شهادته على من ليس بمثله لا تقبل على مثله كالمجنون.
الشرط الرابع: العدالة لقول الله تعالى «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» ولا تقبل شهادة الفاسق لذلك ولقول الله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» فأمر بالتوقف عن نبأ الفاسق والشهادة نبأ فيجب التوقف عنه.
وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «ولا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود فى الاسلام ولاذى غمر على أخيه» رواه أبو عبيد.
وكان أبو عبيد لا يراه خص بالخائن والخائنة أمانات الناس بل جميع ما افترض الله تعالى على العباد القيام به أو اجتنابه من صغير ذلك وكبيره قال الله تعالى «إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ» الآية.
وروى عن عمر رضى الله عنه أنه قال لا يؤسر رجل بغير العدول، ولأن دين الفاسق لم يزعه من ارتكاب محظورات الدين فلا يؤمن أن لا يزعه عن الكذب فلا تحصل الثقة بخبره.
اذا تقرر هذا فالفسوق نوعان:
أحدهما: من حيث الأفعال فلا نعلم خلافا فى رد شهادته.
والثانى: من جهة الاعتقاد وهو اعتقاد البدعة فيوجب رد الشهادة أيضا.