وقيد ذلك بالاختيار احترازا مما اذا اضطر اليها لفاقة نزلت به أو أكره على فعلها فان ذلك لا يكون قادحا فى المروءة.
وقوله وان اعمى فى قول أو أصم فى فعل، أى لا يشترط فى الشاهد أن يكون سميعا بصيرا بالنسبة الى كل ما يشهد فيه، بل ان توقف ما يشهد فيه على السمع أو البصر اشترط ذلك، والا فيشهد الاعمى فى الاقوال، ويشهد الاصم فى الأفعال.
وقد قيل بجواز شهادة الأعمى فى كل ما يعقل فيه صوت المتكلم ويميزه عن غيره لو جاء فى جملة ناس وتكلموا عزله بكلامه.
وفى الديوان: وشهادة الأعمى جائزة فيما يدرك علمه بالصفة سواء علمه قبل ذهاب بصره أو بعد ذهاب بصره، مثل النكاح والطلاق والعتق والنسب والاقرار فى الأنفس وما دونها، والاقرار فى الأموال بالمعاملات.
وقيل: شهادة الأعمى جائزة فيما علمه قبل ذهاب بصره وأما ما علمه بعد ذهاب بصره فلا يجوز شهادته فيه وأما الصحيح البصر ان استشهد بالليل فانه يشهد بما تبين له من ذلك لا بما لم يتبين.
وفى الاثر: وجازت الشهادة من أعمى فيما يستدل عليه بالخبر المشهور كالموت والنسب والنكاح مما لا يشك فيه اذا كان فى أهل بيت نشأ فيه حتى كان كأحدهم ولم يتهم.
واذا شهد وهو يبصر وأداها عند الحاكم وهو اعمى جازت.
وقيدها أبو الحوارى بما اذا شهد بأرض أو نخلة ووصفها بحدودها بعد أن يشهد عدلان أنها التى شهد بها الأعمى
ولا تقبل شهادة المغفل الا فيما لا يلبس.
فالتغفل مانع من قبول الشهادة من وجه دون وجه.
فتقبل فى أمر لا يلتبس كقوله رأيت هذا قتل هذا أو فقأ عينه أو قطع يده وكقوله سمعت هذا طلق زوجته فلانة أو شتم فلانا ونحو ذلك من الاقوال.
ثم قال صاحب شرح النيل فى موضع (١) آخر: ولا تقبل شهادة متأكد القرابة لقربه ويتحقق ذلك فى الأب والجد والأم والجدة من قبل الآباء والامهات وزوج الأم وزوجة الأب، وكذلك الابن وان سفل والبنت وان سفلت وزوج البنت وزوجة الابن.
(١) شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج ٦ ص ٥٩٢ الطبعة السابقة.