أما اذا كان المراد اثباتها لأجل اثبات حق آخر فتثبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ويثبت الحق.
ولكن لا يثبت موجب الحد بهذه الشهادة كما اذا علق عتق عبده على شربه الخمر وأراد العبد اثبات الشرب توصلا الى عتقه وأحضر رجلين أو رجلا وامرأتين فانه يثبت الشرب ويعتق.
ولكن لا يحد السيد لعدم ثبوت موجب الحد بالطريق الشرعى المقرر لاثباته.
المرتبة الثالثة:
الشهادة فى غير الحدود والقصاص وما الحق بها وكان مما يطلع عليه الرجال عادة وليس من حوادث الصبيان فى مكاتب تعليم العلم أو مصانع ومحال تعليم الحرف، سواء كان الحق مالا كالبيع والشراء، وعقود المبادلات المالية، أو متعلقا بذلك، كشرط الخيار والكفالة، أو كان غير ذلك كالنكاح، والطلاق، والعدة، والنسب، والوصية، والوقف، والقتل الذى موجبه المال.
ونصاب الشهادة فى ذلك كله رجلان أو رجل وامرأتان لقوله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ»}.
والآية وإن كانت فى مقام حفظ الحق والتوثيق له الا أنه يعتبر من الحفظ إثبات هذه الحقوق عند التجاحد والتخاصم.
وذلك يقتضى اقامة الشهادة عند الحاكم، لاثبات الحق والحكم به على من هو عليه بأدائه لتظهر مزية الحفظ والتوثيق.
ثم ان القاضى لا يفرق فى مجلس الحكم بين الشاهدتين كما يفعل مع الشاهدين من الرجال، لقوله تعالى:«أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» اذ لا يتأتى التذكر عند الضلال الا مع الاجتماع.
المرتبة الرابعة:
الشهادة على غير ما ذكر من الأمور التى لا يطلع عليها الرجال عادة مما يختص بالنساء كالبكارة والثيوبة والولادة وعيوبهن وأمراضهن التى تحت الثياب، ولا يطلع عليها الرجال كالرتق والقرن ونحو ذلك.
والحكم فى ذلك أنه تقبل فيها شهادة امرأة واحدة والثنتان أحوط لقول النبى صلى الله عليه وسلم «شهادة النساء جائزة فيما لا تستطيع الرجال النظر اليه» والجمع المحلى بالألف واللام اذا لم يكون معه دا يراد به الجنس فيتناول الأقل وهو الواحد. فدل الحديث على عدم اشتراط التعدد فى هذه الشهادة غير أنه لما كانت الشهادة ملزمة للقاضى ان يقضى بها متى استوفت أوضاعها وشرائطها، ولا يؤخر الا لسبب مشروع قلنا ان اثنتين أحوط وقد روى عن حذيفة رضى الله تعالى عنه