للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى فى النكاح، لان المذكور فى أول الاية وآخرها هو النكاح، فان الله تعالى ذكر أجناسا من المحرمات فى أول الاية فى النكاح، وأباح ما وراء ذلك بالنكاح بقوله عز وجل «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ» (١) أى بالنكاح.

وقوله تعالى «مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ» أى متناكحين غير زانين.

وقال تعالى فى سياق الاية الكريمة «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ»}.

ذكر النكاح لا الاجارة والمتعة فيصرف قوله تعالى فما استمتعتم به الى الاستمتاع بالنكاح.

وأما قوله سمى الواجب أجرا فنعم المهر فى النكاح يسمى أجرا.

قال الله عز وجل «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٢) أى مهورهن.

وقال سبحانه وتعالى «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ» (٣) وقوله أمر تعالى بايتاء الاجر بعد الاستمتاع بهن، والمهر يجب بنفس النكاح ويؤخذ قبل الاستمتاع.

قلنا قد قيل فى الاية الكريمة تقديم وتأخير كأنه تعالى قال: «فآتوهن أجورهن اذا استمتعتم به منهن»، أى اذا أردتم الاستمتاع بهن، كقوله تعالى «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» (٤) أى اذا أردتم تطليق النساء.

على أنه ان كان المراد من الاية الاجارة والمتعة فقد صارت منسوخة بما تلونا من الايات، وبما روينا من الاحاديث.

وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن قوله تعالى «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ» نسخه قوله عز وجل «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ»}.

وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه انه قال: المتعة بالنساء منسوخة نسختها آية الطلاق والصداق والعدة والمواريث والحقوق التى يجب فيها النكاح أى النكاح هو الذى تثبت به هذه الأشياء ولا يثبت شئ منها بالمتعة (٥).

وأما النوع الثانى من النكاح المضاف الى الوقت فهو أن يقول: أتزوجك عشرة أيام أو نحو ذلك.

قال زفر رحمه الله تعالى: النكاح جائز وهو مؤبد، والشرط‍ باطل، لأنه ذكر النكاح وشرط‍ فيه شرطا فاسدا، والنكاح لا تبطله الشروط‍ الفاسدة،


(١) الآية رقم ٢٤ من سورة النساء.
(٢) الآية رقم ٢٥ من سورة النساء.
(٣) الآية رقم ٥٠ من سورة الأحزاب.
(٤) الآية رقم ١ من سورة الطلاق.
(٥) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٢ ص ٢٧٣ الطبعة السابقة.