ظرفا له يذكر بدون حرف الظرف وما كان منه ظرفا له مجازا وهو أن يكون بعضه ظرفا له والآخر ظرف ظرفه يذكر مع حروف الظرف فلما قال أنت طالق غدا بدون حرف الظرف فقد جعل الغد كله ظرفا للطلاق حقيقة، وانما يكون كله ظرفا للطلاق حقيقة اذا وقع الطلاق فى أول جزء منه فاذا وقع فى أول جزء منه يبقى حكما وتقديرا فيكون جميع الغد ظرفا له بعضه حقيقة وبعضه تقديرا، اما اذا وقع الطلاق فى آخر النهار لا يكون كل الغد ظرفا له، بل يكون ظرف الظرف.
فاذا قال عنيت آخر النهار فقد أراد العدول من الظاهر فيما يتهم فيه بالكذب فلا يصدق فى القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه نوى ما يحتمله كلامه ولما قال أنت طالق فى غد فلم يجعل الغد كلمة ظرف للطلاق حقيقة بل جعله ظرف الظرف وبين أن الظرف الحقيقى للطلاق هو جزء من الغد وذلك غير معين فكان التعيين اليه، فاذا قال عنيت آخر النهار فقد عين فيصدق فى التعيين، لأنه نوى حقيقة كلامه.
ونظيره ما اذا قال ان صمت فى الدهر فعبدى حر فصام ساعة يحنث، ولو قال ان صمت الدهر لا يحنث الا بصوم الأبد بالاجماع، لما قلنا كذا هذا، الا أنه اذا لم ينو شيئا يقع الطلاق فى أول جزء من الغد، لأن الأجزاء قد تعارضت فترجح الأول منها احتياطا لثبوت الاستحقاق له من وجه الاحتمال أنه ذكر حرف الظرف لتأكيد ظرفية الغد لا لبيان أنه ظرف الظرف فترجح الجزء الأول على سائر الأجزاء عند استواء الكل فى الجواز بثبوت الاستحقاق من وجه فيقع فى الجزء الأول، وقد خرج الجواب عن قولهما أن دخول حرف الظرف فى الغد وعدم الدخول سواء، لأنا قد بينا انهما يستويان.
ولو قال لامرأته أنت طالق اليوم وغدا يقع الطلاق فى اليوم لأنه جعل الوقتين جميعا ظرفا لكونها طالقا ولن يكون الوقتان جميعا ظرفا الا عند الوقوع فى أولهما لأنه لو تأخر الوقوع الى الغد لكان الظرف أحدهما ولو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم يؤخذ بأول الوقتين الذى تفوه به لأنه فى الأول أوقع الطلاق فى اليوم ووصف اليوم بأنه غد وهو محال فلغا قوله غدا وبقى قوله اليوم فيقع الطلاق فى اليوم وفى الثانى أضاف الطلاق الى الغد ووصف الغد بأنه اليوم وهو محال فلغا قوله اليوم وبقى قوله غدا فيقع الطلاق فى غد.
ولو قال لها أنت طالق متى شئت أو متى ما شئت أو اذا شئت أو اذا ما شئت أو كلما شئت لا يقع الطلاق ما لم تشأ، فاذا شاءت وقع، لأنه أضاف الطلاق الى وقت مشيئتها ووقت مشيئتها هو الزمان الذى توجد فيه مشيئتها فاذا شاءت فقد وجد ذلك الزمان فيقع ولا يقتصر