للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الانشاء أنه ممكن لعدم الانطلاق قبله بخلاف الكناية المبينة لأن الابانة قطع الوصلة وانها ثابتة فى الطرفين فاذا زالت من أحد الطرفين تزول من الطرف الاخر ضرورة لاستحالة اتصال شئ بما هو منفصل عنه والتحريم اثبات الحرمة وانها لا تثبت من أحد الجانبين لاستحالة أن يكون الشخص حلالا لمن هو حرام، بخلاف الطلاق، لانه اثبات الانطلاق ورفع القيد، والقيد لم يثبت الا من جانب واحد وانه قائم (١). فيشترط‍ فى الطلاق الصريح أن يضاف الى المرأة سواء كانت الاضافة الى امرأة معينة أو مبهمة عند عامة العلماء، حتى لو قال لامرأتيه احداكما طالق، أو قال لأربع نسوة له: احداكن طالق ولم ينو واحدة بعينها صحت الاضافة.

وقال نفاة القياس: لا تصح اضافة الطلاق الى المعينة، وجه قولهم لم يصلح محلا للنكاح فلا يصلح محلا للطلاق اذ الطلاق يرفع ما ثبت بالنكاح وكذا لم يصلح محلا للبيع والهبة والاجارة وسائر التصرفات فكذا الطلاق.

وأما عمومات الطلاق من الكتاب والسنة من نحو قول الله عز وجل «فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» وقوله تعالى: «الطَّلاقُ مَرَّتانِ» (٢) وقوله سبحانه وتعالى «فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» (٣) وقوله «لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ» (٤) وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «كل طلاق جائز الا طلاق الصبى والمعتوه» من غير فصل بين طلاق وطلاق وبين الطلاق المضاف الى المعين والمجهول ولأن هذا ليس بتنجيز الطلاق فى الحقيقة بل هو تعليق من حيث المعنى بشرط‍ البيان والطلاق مما يحتمل التعليق بالشرط‍ ألا ترى أنه يصح تعليقه بسائر الشروط‍ فكذا بهذا الشرط‍، بخلاف النكاح فانه لا يحتمل التعليق بالشرط‍، فلا تكون المجهولة محلا للنكاح، وكذا الاجارة والبيع وسائر التصرفات، وعلى هذا الوجه لا يكون هذا ايقاع الطلاق فى المجهولة لانه تعليق بشرط‍ البيان فيقع الطلاق فى المبينة لا فى المجهولة، على أنا ان قلنا بالوقوع كما قال بعضهم فهذه جهالة يمكن رفعها بالبيان، فالطلاق يحتمل خطر الجهالة الا ترى أنه يحتمل خطر التعليق والاضافة بحقيقة أن البيع يحتمل جريان الجهالة، فانه اذا باع قفيزا من صبرة جاز، وكذا اذا باع أحد شيئين على أن المشترى بالخيار يأخذ أيهما شاء ويرد الاخر جاز، فالطلاق أولى، لانه فى


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٣ ص ١٤١، ص ١٤٢ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ سنة ١٩١٠ م.
(٢) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ٢٣٠ من سورة البقرة.
(٤) الآية رقم ٢٣٦ من سورة البقرة.