احتمال الخطر فوق البيع، ألا ترى أنه يحتمل خطر التعليق والاضافة والبيع لا يحتمل ذلك، فلما جاز بيع المجهول كان الطلاق أولى، وسواء كانت الجهالة مقارنة أو طارئة بأن طلق واحدة من نسائه عينا ثم نسى المطلقة حتى لا يحل له وط ء واحدة منهن، لان المقارن لما لم يمنع صحة الاضافة فالطارئ لان لا يرفع الاضافة الصحيحة أولى لان المنع أسهل من الرفع (١).
وجملة الكلام فى اضافة الطلاق الى مجهولة أن الجهالة أما أن تكون أصلية، وأما أن تكون طارئة.
أما الجهالة الاصلية فهى أن يكون لفظ الطلاق من الابتداء مضافا الى المجهول وجهالة المضاف اليه يكون لمزاحمة غيره اياه فى الاسم، والمزاحم اياه فى الاسم لا يخلو أما أن يكون محتملا للطلاق واما أن لا يكون محتملا له، والمحتمل للطلاق لا يخلو اما أن يكون ممن يملك الزوج طلاقه أو لا يملك طلاقه، فان كان ممن يملك طلاقه صحت الاضافة بالاجماع نحو أن يقول لنسائه الاربع احداكن طالق ثلاثا، أو يقول لامرأتين له أحداكما طالق ثلاثا، والكلام فيه يقع فى موضعين.
احدهما فى بيان كيفية هذا التصرف أعنى قوله لامرأتيه احداكما طالق،.
والثانى: فى بيان الاحكام المتعلقة به.
أما الاول فقد اختلف مشايخنا فى كيفية هذا التصرف قال بعضهم: هو ايقاع الطلاق فى غير المعين على معنى أن يقع الطلاق للحال فى واحدة منهما غير عين واختيار الطلاق فى احداهما وبيان الطلاق فيها تعيين لمن وقع عليها الطلاق، ويقال ان هذا قول محمد رحمه الله تعالى.
وقال بعضهم: هو ايقاع الطلاق معلقا بشرط البيان معنى، ومعناه أن قوله احداكما طالق ينعقد سببا للحال لوقوع الطلاق عند البيان والاختيار لا للحال بمنزلة تعليق الطلاق بسائر الشروط من دخول الدار وغيره، غير أن هناك الشرط يدخل على السبب والحكم جميعا وههنا يدخل على الحكم لا على السبب كما فى البيع بشرط الخيار، فاذا اختار طلاق احداهما فقد وجد شرط وقوع الطلاق فى حقها فيقع الطلاق عليها بالكلام السابق عند وجود شرط الوقوع وهو الاختيار كأنه علقه به نصا فقال ان اخترت طلاق احداكما فهى طالق، ويقال ان هذا قول أبى يوسف رحمه الله تعالى.
والمسائل متعارضة فى الظاهر بعضها يؤيد القول الاول، وبعضها ينصر القول الثانى.
وقال بعضهم: البيان اظهار من وجه وانشاء من وجه، وزعموا أن المسائل
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٣ ص ١٤٢، ص ١٤٣ الطبعة السابقة.