أما الجهالة الطارئة فهى أن يكون الطلاق مضافا الى معلومة ثم تجهل كما اذا طلق الرجل امرأة بعينها من نسائه ثلاثا ثم نسى المطلقة.
والكلام فى هذا فى موضعين أيضا.
احدهما فى بيان كيفية هذا التصرف.
والثانى فى بيان أحكامه.
أما الأول فلا خلاف فى أن الواحدة منهن طالق قبل البيان، لأنه أضاف الطلاق الى معينة، وانما طرأت الجهالة بعد ذلك والمعينة محل لوقوع الطلاق، فيكون البيان ها هنا اظهارا أو تعيينا لمن وقع عليها الطلاق.
وأما الثانى وهو الأحكام المتعلقة به فنوعان أيضا، ما يتعلق به فى حال حياة الزوج، وما يتعلق به بعد مماته.
أما الذى يتعلق به فى حال حياة الزوج فهو أنه لا يحل له أن يطأ واحدة منهن حتى يعلم التى طلق فيجتنبها لأن احداهن محرمة بيقين، وكل واحدة منهما يحتمل أن تكون هى المحرمة، فلو وطئ واحدة منهما وهو لا يعلم بالمحرمة فربما وطئ المحرمة.
والأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال لوابصة ابن معبد الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك الى ما لا يريبك، ولا يجوز ان تطلق واحدة منهن بالتحرى والأصل فيه أن كل ما لا يباح عند الضرورة لا يجوز فيه التحرى والفرج لا يباح عند الضرورة فلا يجوز فيه التحرى بخلاف الذكية اذا اختلطت بالميتة أنه يجوز التحرى فى الجملة وهى ما اذا كانت الغلبة للذكية عندنا لأن الميتة مما تباح عند الضرورة فان جحدت كل واحدة منهن أن تكون المطلقة فاستعدين عليه الحاكم فى النفقة والجماع أعدى عليه وحبسه على بيان التى طلق منهن وألزمه النفقة لهن لأن لكل واحدة منهن حق المطالبة بحقوق النكاح ومن عليه الحق اذا امتنع من الايفاء مع قدرته عليه يحبس كمن امتنع من قضاء دين عليه وهو قادر على قضائه فيحبسه الحاكم ويقضى بنفقتهن عليه، لأن النفقة من حقوق النكاح، فان أدعت كل واحدة منهن أنها هى المطلقة ولا بينة لها وجحد الزوج فعليه اليمين لكل واحدة منهن، لأن الاستحلاف للنكول والنكول بذل أو اقرار، والطلاق يحتمل البذل والاقرار فيستحلف فيه، فان أبى أن يحلف فرق بينه وبينهن، لأنه بذل الطلاق لكل واحدة منهن أو أقربه والطلاق يحتمل كل واحدة منهن، وان حلف لهن لا يسقط عنه البيان بل لا بد أن يبين لأن الطلاق لا يرتفع باليمين فبقى على ما كان عليه، فيؤخذ بالبيان.