أن يكون ذلك الشئ امرأته واما أن يكون غير ذلك نحو الطعام أو الشراب أو اللباس، فان أضاف التحريم الى امرأته بأن قال: أنت على حرام أو قد حرمتك على أو أنا عليك حرام أو قد حرمت نفسى عليك أو أنت محرمة على، فان أراد به طلاقا فهو طلاق، لأنه يحتمل الطلاق وغيره، فاذا نوى به الطلاق أنصرف اليه، وان نوى ثلاثا يكون ثلاثا، وان نوى واحدة يكون واحدة بائنة، وان نوى اثنتين يكون واحدة بائنة عندنا، خلافا لزفر رحمه الله تعالى، لأنه من جملة كنايات الطلاق.
وان لم ينو الطلاق ونوى التحريم أو لم يكن له نية فهو يمين عندنا ويصير موليا، حتى لو تركها أربعة أشهر بانت بتطليقة، لأن الأصل فى تحريم الحلال أن يكون يمينا لما تبين
وان قال أردت به الكذب يصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولا يكون شيئا ولا يصدق فى نفى اليمين فى القضاء.
وقد اختلف السلف رضى الله تعالى عنهم فى هذا المسئلة.
وروى عن أبى بكر وعمر وعبد الله ابن مسعود وعبد الله بن عباس وعائشة رضى الله تعالى عنهم أنهم قالوا: الحرام يمين، حتى روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال: اذا حرم الرجل امرأته فهو يمين يكفرها، أما كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة.
وروى عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال ان نوى طلاقا فطلاق وان لم ينو طلاقا فيمين يكفرها.
وعن زيد بن ثابت رضى الله تعالى عنه أنه قال فيه كفارة يمين.
ومنهم من جعله طلاقا ثلاثا وهو قول على رضى الله تعالى عنه.
ومنهم من جعله طلاقا رجعيا وعن مسروق أنه قال ليس ذلك بشئ، ما أبالى حرمتها أو قصعة من ثريد.
ويدل لنا الكتاب والسنة والاجماع.
أما الكتاب فقول الله عز وجل:
«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ» (١) قيل نزلت هذه الآية فى تحريم جاريته مارية القبطية لما قال صلّى الله عليه وسلم هى على حرام، وسمى الله تعالى ذلك يمينا بقوله «قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ،} أى وسع الله عليكم أو أباح لكم أن تحلوا من أيمانكم بالكفارة، وفى بعض القراءات «قد فرض الله لكم كفارة أيمانكم» والخطاب عام يتناول
(١) الآية رقم ١، ٢ من سورة التحريم.