وأما السنة فما روى ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهم أن النبى صلّى الله عليه وسلّم جعل الحرام يمينا وأما الاجماع فما روى عن جماعة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم أن النبى صلّى الله عليه وسلّم جعل الحرام يمينا وبعضهم نص على وجوب كفارة اليمين فيه وكفارة اليمين ولا يمين لا تتصور، فدل على أنه يمين.
وقول من جعله طلاقا ثلاثا محمول على ما اذا نوى الثلاث لأن الحرمة نوعان غليظة وخفيفة فكانت نية الثلاث تعيين بعض ما يحتمله اللفظ فيصح.
واذا نوى واحدة كانت واحدة بائنة، لأن اللفظ ينبئ عن الحرمة والطلاق الرجعى لا يوجب الحرمة للحال واثبات حكم اللفظ على الوجه الذى ينبئ عنه اللفظ أولى، ولأن المخالف يوجب فيه كفارة يمين، وكفارة اليمين تستدعى وجود اليمين فدل أن هذا اللفظ يمين فى الشرع، فاذا نوى به الكذب لا يصدق فى ابطال اليمين فى القضاء لعدوله عن الظاهر.
وأما ما يقال من أن تحريم الحلال تغيير الشرع فالجواب عنه من وجهين.
أحدهما: أن هذا ليس بتحريم الحلال من الحالف حقيقة بل من الله سبحانه وتعالى، لأن التحريم اثبات الحرمة كالتحليل اثبات الحل والعبد لا يملك ذلك بل الحرمة والحل وسائر الحكومات الشرعية ثبتت باثبات الله تعالى لا صنع للعبد فيها أصلا انما من العبد مباشرة سبب الثبوت، هذا هو المذهب عند أهل السنة والجماعة، فلم يكن هذا من الزوج تحريم ما أحله الله تعالى بل مباشرة سبب ثبوت الحرمة أو منع النفس عن الانتفاع بالحلال، لأن التحريم فى اللغة عبارة عن المنع، وقد يمنع المرء من تناول الحلال لغرض له فى ذلك ويسمى ذلك تحريما قال الله تعالى «وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ»(١) والمراد منه امتناع سيدنا موسى عليه الصلاة والسّلام عن الارتضاع من غير ثدى أمه، لا التحريم الشرعى، وعلى أحد هذين الوجهين يحمل التحريم المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثانى: ان كان هذا تحريم الحلال، لكن لم قلت ان كل تحريم حلال من العبد تغيير للشرع بل ذلك نوعان تحريم ما أحله الله تعالى مطلقا وذلك تغيير، بل اعتقاده كفر وتحريم ما أحله الله مؤقتا الى غاية لا يكون تغييرا بل يكون بيان نهاية الحلال، ألا ترى أن الطلاق مشروع وان كان تحريم الحلال، لكن لما كان الحل مؤقتا الى غاية وجود الطلاق لم يكن