التطليق من الزوج تغييرا للشرع بل كان بيان انتهاء الحل، وعلى هذا سائر الأحكام التى تحتمل الارتفاع والسقوط، وعلى هذا سبيل النسخ فيما يحتمل التناسخ، فكذا قوله لامرأته أنت على حرام.
وان نوى بقوله أنت على حرام الظهار لا يكون ظهارا عند محمد رحمه الله تعالى، لأن الظهار تشبيه الحلال بالحرام والتشبيه لا بد له من حرف التشبيه ولم يوجد فلا يكون ظهارا.
ويكون ظهارا عند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى لأنه وصفها بكونها محرمة، والمرأة تارة تكون محرمة بالطلاق وتارة تكون محرمة بالظهار، فأى ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله كلامه فيصدق (١) فيه.
هذا اذا أضاف التحريم الى المرأة.
أما اذا أضافه الى الطعام أو الشراب أو اللباس، بأن قال: هذا الطعام على حرام أو هذا الشراب أو هذا اللباس فهو يمين عندنا، وعليه الكفارة اذا فعل، لقول الله عز وجل «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ» قيل نزلت الآية فى تحريم العسل، وقد سماه الله تعالى يمينا بقوله سبحانه وتعالى «قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ» فدل أن تحريم غير الزوجة والجارية يمين موجب للكفارة، لأن تحلة اليمين هى الكفارة.
وأما ما روى من أنها نزلت فى تحريم جاريته مارية فانه لا يمتنع أن تكون الآية الكريمة نزلت فيهما لعدم التنافى، ولأنه لو أضاف التحريم الى الزوجة والجارية لكان يمينا فكذا اذا أضيف الى غيرهما كان يمينا كلفظ القسم اذا أضيف الى الزوجة والجارية كان يمينا، واذا أضيف الى غيرهما كان يمينا أيضا كذا هذا، فان فعل كان يمينا مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث وانحلت اليمين، لأن التحريم المضاف الى المعين يوجب تحريم كل جزء من أجزاء المعين كتحريم الخمر والخنزير والميتة والدم، فاذا تناول شيئا منه فقد فعل المحلوف عليه فيحنث وتنحل اليمين، بخلاف ما اذا حلف لا يأكل هذا الطعام فأكل بعضه أنه لا يحنث لأن الحنث هناك معلق بالشرط وهو أكل كل الطعام والمعلق بشرط لا ينزل عند وجود بعض الشرط.
ولو قال نسائى على حرام ولم ينو الطلاق فقرب أحداهن كفر وسقطت اليمين فيهن جميعا، لأنه أضاف التحريم الى جمع فيوجب تحريم كل فرد من
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٣ ص ١٦٧ وما بعدها الى ص ١٦٩ الطبعة الأولى طبع مطابع الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ، سنة ١٩١٠ م.