للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفراد الجمع فصار كل فرد من أفراد الجمع محرما على الانفراد فاذا قرب واحدة منهن فقد فعل ما حرمه على نفسه فيحنث وتلزمه الكفارة وتنحل اليمين، وان لم يقرب واحدة منهن حتى مضت أربعة أشهر بن جميعا، لأن حكم الايلاء لا يثبت فى حق كل واحدة منهن على انفرادها، والايلاء يوجب البينونة بمضى المدة من غير فئ، هذا اذا أضاف التحريم الى نوع خاص (١).

أما اذا اضافه الى الأنواع: كلها بأن قال: كل حلال على حرام، فان لم تكن له نية فهو على الطعام والشراب خاصة استحسانا.

والقياس أن يحنث عقيب كلامه وهو قول زفر رحمه الله تعالى.

ووجه القياس أن اللفظ‍ خرج مخرج العموم فيتناول كل حلال، وكما فرغ عن يمينه لا يخلو عن نوع حلال يوجد منه فيحنث.

ووجه الاستحسان أن هذا عام لا يمكن العمل بعمومه، لأنه لا يمكن حمله على كل مباح من فتح عينه وغض بصره وتنفسه وغيرها من حركاته وسكناته المباحة، لأنه لا يمكنه الامتناع عنه، والعاقل لا يقصد بيمينه منع نفسه عما لا يمكنه الامتناع عنه فلم يمكن العمل بعموم هذا اللفظ‍ فيحمل على الخصوص وهو الطعام والشراب باعتبار العرف والعادة، لأن هذا اللفظ‍ مستعمل فيهما فى العرف ونظيره قول الله عز وجل «لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ» (٢) أنه لما لم يمكن العمل بعمومه لثبوت المساواة بين المسلم والكافر فى أشياء كثيرة حمل على الخصوص وهو نفى المساواة بينهما فى العمل فى الدنيا أو فى الجزاء فى الآخرة كذا هذا، فان نوى مع ذلك اللباس أو امرأته فالتحريم واقع على جميع ذلك، وأى شئ من ذلك فعل وحده لزمته الكفارة، لأن اللفظ‍ صالح لتناول كل المباحات وانما حملناه على الطعام والشراب بدليل العرف، فاذا نوى شيئا زائدا على المتعارف فقد نوى ما يحتمله لفظه وفيه تشديد على نفسه فيقبل قوله.

فاذا نوى شيئا بعينه دون غيره بأن نوى الطعام خاصة أو الشراب خاصة أو اللباس خاصة أو امرأته خاصة فهو على ما نوى فيما بينه وبين الله تعالى وفى القضاء، لما ذكرنا أن هذا اللفظ‍ متروك العمل بظاهر عمومه، ومثله يحمل على الخصوص، فاذا قال أردت واحدا بعينه دون غيره فقد ترك ظاهر لفظ‍ هو متروك الظاهر فلم يوجد منه العدول فيصدق.


(١) المرجع السابق ج ٣ ص ١٦٩ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٠ من سورة الحشر.