وان قال كل حل على حرام ونوى امرأته كان عليها وعلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب دخلا تحت ظاهر هذا اللفظ ولم ينفهما بنيته فبقيا داخلين تحت اللفظ، بخلاف الفصل الأول، لأنه هناك نوى امرأته خاصة ونفى الطعام والشراب بنيته فلم يدخلا وههنا لم ينف الطعام والشراب بنيته وقد دخلا تحت اللفظ فبقيا كذلك ما لم ينفيا بالنية وان نوى فى امرأته الطلاق لزمه الطلاق فيها فان أكل أو شرب لم تلزمه الكفارة، لأن اللفظ الواحد لا يجوز حمله على الطلاق واليمين، لاختلاف معنييهما واللفظ الواحد لا يشتمل على معنيين مختلفين، فاذا أراد به فى الزوجة الطلاق الذى هو أشد الأمرين وأغلظهما لا يبقى الآخر مرادا.
وكذا روى عن أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى فى رجل قال لامرأتين له أنتما على حرام يعنى فى احداهما الطلاق وفى الأخرى الايلاء فهما طالقان جميعا لما ذكرنا أن هذا اللفظ الواحد لا يحتمل معنيين مختلفين، فاذا أرادهما بلفظ واحد يحمل على أغلظهما ويقع الطلاق عليهما.
ولو قال هذه على حرام ينوى الطلاق، وهذه على حرام ينوى الايلاء كان كما نوى لأنهما لفظان فيجوز أن يراد بأحدهما حلاف ما يراد بالآخر.
وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى فيمن قال لامرأتيه: أنتما على حرام ينوى فى احداهما ثلاثا وفى الأخرى واحدة أنهما جميعا طالقان ثلاثا، لأن حكم الواحدة البائنة خلاف حكم الثلاث لأن الثلاث يوجب الحرمة الغليظة واللفظ الواحد لا يتناول معنيين مختلفين فى حالة واحدة، فاذا نواهما يحمل على أغلظهما وأشدهما.
وقال ابن سماعة فى نوادره: سمعت أبا يوسف يقول فى رجل قال ما أحل الله على حرام من مال وأهل ونوى الطلاق فى أهله قال ولا نية له فى الطعام، فان أكل لم يحنث لما قلنا.
قال: وكذلك لو قال هذا الطعام على حرام وهذه ينوى الطلاق لأن اللفظة واحدة وقد تناولت الطلاق فلا تتناول تحريم الطعام.
وقالوا فيمن قال لامرأته أنت على كالدم أو الميتة أو لحم الخنزير أو كالخمر أنه يسئل عن نيته فان نوى كذبا فهو كذب لأن هذا اللفظ ليس صريحا فى التحريم ليجعل يمينا فيصدق أنه أراد به الكذب، بخلاف قوله أنت على حرام فانه صريح فى التحريم فكان يمينا، وان نوى التحريم فهو ايلاء لأنه شبهها بما هو محرم، فكأنه قال أنت حرام، وان نوى الطلاق فالقول فيه كالقول فيمن قال لامرأته أنت على حرام ينوى الطلاق.
وروى ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته ان فعلت كذا فأنت أمى يريد التحريم قال: هو باطل لأنه لم يجعلها مثل أمه