وأما كونه متصور الوجود عادة فهل هو شرط انعقاد اليمين.
قال أصحابنا الثلاثة رحمهم الله تعالى ليس بشرط فينعقد على ما يستحيل وجوده عادة بعد أن كان لا يستحيل وجوده حقيقة.
وقال زفر رحمه الله تعالى: هو شرط لا تنعقد اليمين بدونه.
وبيان هذه الجملة: اذا قال والله لأشربن الماء الذى فى هذا الكوز فاذا لا ماء فيه لم تنعقد اليمين فى قول أبى حنيفة ومحمد وزفر رحمهم الله تعالى لعدم شرط الانعقاد وهو تصور شرب الماء الذى حلف عليه.
وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى تنعقد لوجود الشرط وهو الاضافة الى أمر فى المستقبل.
وان كان يعلم أنه لا ماء فيه تنعقد عند أصحابنا الثلاثة.
وعند زفر لا تنعقد، وهو رواية عن أبى حنيفة أنه لا تنعقد علم أو لم يعلم.
وعلى هذا الخلاف اذا وقت وقال والله لأشربن الماء الذى فى هذا الكوز اليوم ولا ماء فى الكوز فانه لا تنعقد عند أبى حنيفة ومحمد وزفر.
وعند أبى يوسف تنعقد.
وعلى هذا الخلاف اذا قال والله لأقتلن فلانا، وفلان ميت وهو لا يعلم بموته فانه لا تنعقد عندهم خلافا لأبى يوسف رحمه الله تعالى.
وان كان عالما بموته تنعقد عندهم خلافا لزفر.
ولو قال والله لأمسن السماء أو لأصعدن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا تنعقد عند أصحابنا الثلاثة.
وعند زفر لا تنعقد.
أما الكلام مع أبى يوسف رحمه الله تعالى فوجه قوله أن الحالف جعل شرط عدم حنثه القتل والشرب فى المطلق وفى الوقت عدم الشرب فى المدة وقد تأكد العدم فتأكد شرط الحنث فيحنث كما فى قوله والله لأمسن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا، وبدل لهما أن اليمين تنعقد للبر لأن البر هو موجب اليمين وهو المقصود الأصلى من اليمين أيضا لأن الحالف بالله تعالى يقصد بيمينه تحقيق البر والوفاء بما عهد وانجاز ما وعد ثم الكارة تجب لدفع الذنب الحاصل بتفويت البر وهو الحنث فاذا لم يكن البر متصور الوجود حقيقة لا يتصور الحنث فلم يكن فى انعقاد اليمين فائدة فلا تنعقد.