للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم مات من ذلك فعلى القاطع الدية فى ماله. وان عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك فهو عفو عن النفس ثم ان كان خطأ فهو من الثلث وان كان عمدا فهو من جميع المال وهذا عند أبى حنيفة وقالا اذا عفا عن القطع فهو عفو عن النفس أيضا وعلى هذا الخلاف اذا عفا عن الشجة ثم سرى الى النفس ومات يدل لهما أن العفو عن القطع عفو عن موجبه، وموجبه القطع لو اقتصر أو القتل اذا سرى فكان العفو عنه عفوا عن أحد موجبيه أيهما كان، ولأن اسم القطع يتناول السارى والمقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن نوعيه وصار كما اذا عفا عن الجناية فانه يتناول الجناية السارية والمقتصرة، كذا هذا ويدل له أن سبب الضمان قد تحقق وهو قتل نفس معصومة متقومة والعفو لم يتناوله بصريحه، لأنه عفا عن القطع وهو غير القتل، وبالسراية تبين أن الواقع قتل، وحقه فيه، ونحن نوجب ضمانه، وكان ينبغى أن يجب القصاص، وهو القياس، لأنه هو الموجب للعمد.

الا أن فى الاستحسان تجب الدية لأن صورة العفو أورثت شبهة، وهى دارئة للقود ولا نسلم أن السارى نوع من القطع، وأن السراية صفة له، بل السارى قتل من الابتداء، وكذا لا موجب له من حيث كونه قطعا فلا يتناوله العفو بخلاف العفو عن الجناية، لأنه اسم جنس وبخلاف العفو عن الشجة وما يحدث منها لأنه صريح فى العفو عن السراية والقتل، ولو كان القطع خطأ فقد أجراه مجرى العمد فى هذه الوجوه وفاقا وخلافا آذن بذلك اطلاقه، الا أنه ان كان خطأ فهو من الثلث، وان كان عمدا فهو من جميع المال لأن موجب العمد القود ولم يتعلق به حق الورثة لما أنه ليس بمال، فصار كما اذا أوصى باعارة أرضه. وأما الخطأ فموجبه المال وحق الورثة يتعلق به فيعتبر من الثلث (١).

وجاء فى الهداية: أنه اذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها على يده ثم مات فلها مهر مثلها وعلى عاقلتها الدية ان كان خطأ - وان كان عمدا ففى مالها، هذا عند أبى حنيفة، لأن العفو عن اليد اذا لم يكن عفوا عما يحدث منه - عنده - فالتزوج على اليد لا يكون تزوجا على ما يحدث منه، ثم القطع اذا كان عمدا يكون هذا تزوجا على القصاص فى الطرف وهو ليس بمال فلا يصلح مهرا لا سيما على تقدير السقوط‍ فيجب مهر المثل وعليها الدية فى مالها، لأن التزوج وان كان يتضمن العفو لكن عن القصاص فى الطرف فى هذه الصورة واذا سرى تبين أنه قتل النفس ولم يتناوله العفو


(١) الهداية على فتح القدير للامام كمال الدين بن عبد الواحد السيواسى ثم السكندرى المعروف بابن الهمام الحنفى ج ٩ ص ١٨٢ وما بعدها الى ص ١٨٨ طبع المطبعة الميمنية سنة ١٣١٩ هـ‍.