للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى قطع اليد، وحق صاحب الاصبع فى قطع الاصبع فيجب ايفاء حق كل واحد منهما بقدر الامكان وذلك فى البداية بالقصاص فى الاصبع، لأنا لو بدأنا بالقصاص فى اليد لبطل حق صاحب الأصبع فى القصاص أصلا ورأسا، ولو بدأنا بالقصاص فى الأصبع لم يبطل حق الآخر فى القصاص أصلا ورأسا لأنه يتمكن من استيفائه مع النقصان فكانت البداية بالاصبع أولى. وانما خير صاحب اليد بعد قطع الاصبع لأن الكف صارت معيبة بقطع الاصبع فوجد حقه ناقصا فيثبت له الخيار كالأشل اذا قطع يد الصحيح.

وان جاءا متفرقين، فان جاء صاحب اليد وصاحب الأصبع غائب تقطع اليد لصاحب اليد لأن حق صاحب اليد ثابت فى اليد فلا يجوز منعه من استيفاء حقه لحق غائب يحتمل أن يحضر ويطالب، ويحتمل أن لا يحضر ولا يطالب.

فان جاء صاحب الأصبع بعد ذلك أخذ الأرش لتعذر استيفاء حقه بعد ثبوته فيأخذ بدله، ولأن القاطع قضى بطرفه حقا مستحقا عليه فصار كأنه قائم وتعذر الاستيفاء لمانع فيلزمه الأرش.

وان جاء صاحب الاصبع وصاحب اليد غائب تقطع الاصبع لصاحب الاصبع لما ذكر فى صاحب اليد، ثم اذا جاء صاحب اليد بعد ذلك أخذ الأرش لما قلنا (١).

ولو قطع رجل اصبع رجل من مفصل ثم قطع أصبع رجل آخر من مفصلين ثم قطع اصبع آخر كلها وذلك كله فى اصبع واحدة فهو على التفصيل الذى ذكر أن الأمر لا يخلو اما أن جاءوا جميعا يطلبون القصاص واما أن جاءوا متفرقين.

فان جاءوا جميعا يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى ثم يخير صاحب المفصلين فان شاء استوفى الأوسط‍ بحقه كله ولا شئ له من الأرش، وان شاء أخذ ثلثى دية أصبعه من ماله. ثم يخير صاحب الاصبع فان شاء أخذ ما بقى باصبعه وان شاء أخذ دية اصبعه من مال الذى قطعها، وانما كان ذلك لما بينا أن حق كل واحد منهم فى مثل ما قطع منه فيجب ايفاء حقوقهم بقدر الامكان وذلك فى البداية بما لا يسقط‍ حق بعضهم وهو أن يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى لأن البداية لا تبطل حق الباقين فى القصاص أصلا لامكان استيفاء حقيهما مع النقصان وفى البداية بالقصاص فى الاصبع ابطال حق الباقين أصلا. ورب رجل يختار القصاص وان كان ناقصا تشفيا للصدر. واذا قطع


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لابى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٧ ص ٣٠٠ - ٣٠١ الطبعة السابقة.