للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البدن دون بعض حتى يكون رجلان لو قطع كل واحد منهما يد رجل معا فمات لم يقد منهما فى النفس لأن ألم كل واحدة منهما فى شق يده الذى قطعه، ولكن الألم يخلص من القليل والكثير ويخلص الى البدن كله فيكون من قتل اثنين بواحد يحكم فى كل واحد منهما فى القود حكمه على قاتل النفس منفردا فاذا أخذ العقل حكم على كل من جنى عليه جناية صغيرة أو كبيرة على العدد من عقل النفس كأنهم عشرة جنوا على رجل فمات فعلى كل واحد منهم عشر الدية (١).

واذا قطع الرجل يد الرجل وقطع آخر رجله وشجه الآخر موضحة وأصابه الآخر بجائفة وكل ذلك بحديد أو بشئ يحدد فيعمل عمل الحديد فلم يبرأ شئ من جراحته حتى مات فكلهم قاتل وعلى كلهم القود. وكذلك لو جرحه رجل مائة جرح وآخر جرحا واحدا كان عليهما معا القود، وكان لأولياء القتيل أن يجرحوا كل واحد منهما عدد ما جرحه، فان مات والا ضربوا عنقه (٢).

وان كان أحدهما جرحه جرحا جائفة غير نافذة أو جائفة نافذة كان فيها قولان:

أحدهما - أن لولى القتيل أن يجرحه جائفة غير نافذة أو جائفة نافذة - واذا كان القصاص بالقتل لم يمنع أن يصنع هذا، ولا يلى ولى القتيل بنفسه شيئا من هذا وانما يؤمر به من يبصر كيف جرحه فيجرحه كما جرحه فاذا بقى ضرب العنق فانه يخلى بينه وبين ولى القتيل.

وكذلك لو كان أحدهم قطع يده بنصف الذراع لم يمنع من ذلك لأنه يقتل مكانه وانما يمنع اذا كان جرحا لا يقتل به ولا يكون فيه قصاص.

والقول الثانى: أن له أن يصنع به كل ما كان لو جرحه اقتص به منه فيما دون النفس. ولا يصنع به ما لو كان جرحه به دون النفس لم يقتص منه لأنه لعله يدع قتله فيكون قد عذبه وأنه لا يقدر على أن يأتى بمثل ما صنع به فى المواضع التى لا يقتص منها، ويقال له: القتل يأتى على ذلك (٣).

ولو قطع رجل يد رجل وقطع آخر رجله وجرحه ثالث فمات فقال ورثته برأ من جراح أحدهم ومات من جراح الآخر فان صدقهم الجانون فالقول ما قالوا وعلى الذى مات من جراحه القصاص فى النفس أو الأرش وعلى الذى برأت جراحته القصاص من الجراح أو دية الجراح. وان صدقهم الذى قال ان جراحه برأت وكذبهم الذى قال ان جراحه لم تبرأ بل مات من جراح الذى زعمت أن جراحه برأت وبرأت جراحى


(١) الأم الشافعى ج ٦ ص ٢٠، ٢١ طبعة دار الشعب.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ٢٤ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٦ ص ٢٤ الطبعة السابقة.