فان بعضها قواطع وبعضها طواحن وبعضها ضواحك. واختلاف المنفعة بين الشيئين يلحقهما بجنسين، ولا مماثلة عند اختلاف الجنس.
وكذا لا يؤخذ الأعلى منها بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى لتفاوت بين الأعلى والأسفل فى المنفعة ولا يؤخذ الصحيح من الأطراف الا بالصحيح منها فلا تقطع اليد الصحيحة ولا كاملة الأصابع بناقصة الاصابع أو مفصل من الاصابع وكذلك الرجل والاصبع وغيرها لعدم المماثلة بين الصحيح والمعيب.
وان كان العيب فى طرف الجانى فالمجنى عليه بالخيار ان شاء اقتص وان شاء أخذ أرش الصحيح لان حقه فى المثل وهو السليم ولا يمكنه استيفاء حقه من كل وجه مع فوات صفة السلامة، وأمكنه الاستيفاء من وجه ولا سبيل الى الزام الاستيفاء حتما لما فيه من الزام اسيفاء حقه ناقصا وهذا لا يجوز فيخير ان شاء رضى بقدر حقه واستوفاه ناقصا، وان شاء عدل الى بدل حقه وهو كمال الأرش كمن أتلف على انسان شيئا له مثل والمتلف جيد فانقطع عن أيدى الناس ولم يبق منه الا الردئ فان صاحب الحق يكون بالخيار ان شاء أخذ الموجود ناقصا وان شاء عدل الى قيمة الجيد لما قلنا كذا هذا.
ولو أراد المجنى عليه أن يأخذه ويضمنه النقصان فليس له ذلك.
ويرى صاحب بدائع الصنائع: أنه قادر على استيفاء أصل حقه، وانما الفائت هو الوصف وهو صفة السلامة، فاذا رضى باستيفاء أصل حقه ناقصا كان ذلك رضا منه بسقوط حقه عن الصفة، كما لو أتلف شيئا من ذوات الأمثال وهو جيد فانقطع عن أيدى الناس نوع الجيد ولا يوجد الا الردئ منه أنه ليس له الا أن يأخذه أو يأخذ قيمة الجيد.
ولو ذهبت الجارحة المعينة قبل أن يختار المجنى عليه أخذها، أو قطعها قاطع بطل حق المجنى عليه فى القصاص لفوات محله. فان كانت قد سقطت بآفة سماوية أو قطعت ظلما فلا شئ على الجانى ولو قطعت بحق من قصاص أو سرقة فعليه أرش اليد المقطوعة لانه قضى بالطرف حقا مستحقا عليه فصار كأنه قائم وتعذر استيفاء القصاص لعذر الخطأ وغيره. واذا ثبت هذا فى الصحيحة فنقول حق المجنى عليه كان متعلقا باليد المعينة بعينها، وانما ينتقل عنها الى الأرش عند اختياره فاذا لم يختر حتى هلكت بقى حقه متعلقا باليد.
فان قيل: أليس أنه كان مخيرا بين القصاص والأرش فاذا فات أحدهما تعين الآخر.