للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى بدائع الصنائع: أنه لا قصاص فى العين اذا قورت أو فسخت لأنا اذا فعلنا ما فعل وهو التقوير والفسخ لا يمكن استيفاء المثل اذ ليس له حد ملعوم وان ضرب عليها فذهب ضؤوها مع بقاء الحدقة على حالها لم تنخسف ففيها القصاص لقوله تبارك وتعالى:

«وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ» ولأن القصاص على سبيل المماثلة ممكن بأن يجعل على وجهه القطن المبلول وتحمى المرآة وتقرب من عينه حتى يذهب ضؤوها.

وقيل أول من اهتدى الى ذلك سيدنا على رضى الله عنه. وان انخسفت فلا قصاص لأن الثانى قد لا يقع خاسفا بها فلا يكون مثل الأول وروى عن أبى يوسف أنه لا قصاص فى عين الأحول لان الحول نقص فى العين فيكون استيفاء الكامل بالناقص فلا تتحقق المماثلة ولهذا لا تقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء كذا هذا (١).

ولا قصاص فى الاشفار والاجفان لأنه لا يمكن استيفاء المثل فيها وأما الاذن فان استوعبها ففيها القصاص لقول الله تبارك وتعالى «وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ» لأن استيفاء المثل فيها ممكن فان قطع بعضها فان كان له حد يعرف ففيه القصاص والا فلا. وأما الأنف فان قطع المارن ففيه القصاص بلا خلاف بين أصحاب أبى حنيفة لقول الله سبحانه وتعالى «الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ» ولأن استيفاء المثل فيه ممكن لأن له حدا معلوما وهو مالان منه. فان قطع بعض المارن فلا قصاص فيه لتعذر استيفاء المثل، وان قطع قصبة الأنف فلا قصاص فيه لأنه عظم ولا قصاص فى العظم الا فى السن.

قال أبو يوسف: ان استوعب ففيه القصاص.

وقال محمد لا قصاص فيه وان استوعب.

ولا خلاف بينهما فى الحقيقة لأن أبا يوسف أراد استيعاب المارن وفيه القصاص بلا خلاف ومحمد أراد به استيعاب القصبة ولا قصاص فيها بلا خلاف.

وأما الشفة فقد روى عن أبى حنيفة أنه قال: اذا قطع شفة الرجل السفلى أو العليا وكان يستطاع أن يقتص منه ففيه القصاص.

وذكر الكرخى أنه ان استقصاها بالقطع ففيها القصاص لامكان استيفاء المثل عند الاستقصاء وان قطع بعضها فلا قصاص فيه لعدم الامكان (٢).

وجاء فى شرح القدير أن من قطع يد رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة فبرأ منها فلا قصاص عليه لأنه لا يمكن اعتبار المماثلة فيه، اذ الأول كسر العظم ولا ضابط‍ فيه، وكذا البرء


(١) بدائع الصنائع ج ٧ ص ٣٠٨.
(٢) المرجع السابق ج ٧ ص ٣٠٨.