للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحزر والظن فلا تعرف المماثلة بين أرشى الساعدين فيمتنع وجوب القصاص

وعلى هذا الخلاف اذا قطع يد رجل وفيها اصبع زائدة وفى يد القاطع اصبع زائدة مثل ذلك أنه لا قصاص عند أبى حنيفة ومحمد وفيهما حكومة العدل.

وعند أبى يوسف يجب القصاص لوجود المساواة بين اليدين.

ولهما أن الاصبع الزائدة فى الكف نقص فيها وعيب، وهو نقص يعرف بالحزر والظن، ولأنهما ليس لهما أرش مقدر فلا تعرف المماثلة بين الكفين ولو قطع اصبعا زائدة وفى يده مثلها فلا قصاص عليه بالاجماع، لأن الأصبع الزائدة فى معنى التزلزل ولا قصاص فى المتزلزل، ولأنها نقص ولا تعرف قيمة النقصان الا بالحزر والظن ولأنه ليس لهما أرش مقدر فلا تعرف المماثلة (١).

ولو قطع رجل المفصل الأعلى من سبابة رجل ثم عاد فقطع المفصل الثانى منها فعليه القصاص من المفصل الأول ولا قصاص عليه فى المفصل الثانى وعليه قيمة الأرش، وكذلك لو قطع أصبع رجل من أصلها ثم قطع الكف التى منها الأصبع كان عليه القصاص فى الأصبع ولا قصاص عليه فى الكف وعليه الأرش فى الكف ناقصة بأصبع. وكذلك لو قطع يد رجل وهى صحيحة ثم قطع ساعده من المرفق من اليد التى قطع منها الكف فعليه فى اليد القصاص ولا قصاص عليه فى الساعد بل فيه أرش حكومة كذا روى عن أبى حنيفة ولم يفصل بين ما اذا كانت الجناية الثانية بعد برء الأولى أو قبلها. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: اذا كانت الجناية الثانية بعد برء الأولى فهما جنايتان متفرقتان وان كانت قبل البرء فهى جناية واحدة (٢).

وجاء فى بدائع الصنائع: أنه لو قطع يد رجل ثم قتله فان كان بعد البرء لا تدخل اليد فى النفس بلا خلاف، والولى بالخيار ان شاء قطع يده ثم قتله وان شاء اكتفى بالقتل وان شاء عفا عن النفس وقطع يده، وان كان قبل البرء فكذلك فى قول أبى حنيفة.

وفى قولهما تدخل اليد فى النفس، وله أن يقتله وليس له أن يقطع يده.

وجه قولهما أن الجناية على ما دون النفس اذا لم يتصل بها البرء لا حكم لها مع الجناية على النفس فى الشريعة بل يدخل ما دون النفس فى النفس (٣).


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لابى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٧ ص ٣٠٢ - ٣٠٣ الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ هـ‍، سنة ١٩١٠ م.
(٢) نفس المرجع ج ٧ ص ٣٠١، ٣٠٢.
(٣) بدائع الصنائع ج‍ ٧ ص ٣٠٣.