المريسى رحمه الله تعالى أنه قال: لا بأس بأكل الحمار، واحتج بظاهر قول الله عز وجل:«قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ»(١) ولم يذكر الحمير الانسية وروى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلّم وقال: انه فنى مالى ولم يبق لى الا الحمر الاهلية، فقال صلّى الله عليه وسلم: كل من سمين مالك فانى انما كنت نهيتكم عن جلال القرية، وروى:
عن جوال القرى - بتشديد اللام وروى: فانما قذرت لكم جالة القرية.
ويدل لنا قول الله تبارك وتعالى:
«وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً.» وسنذكر وجه الاستدلال بالآية ان شاء الله بعد قليل.
وروى أبو حنيفة عن نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن متعة النساء وروى أن سيدنا عليا رضى الله تعالى عنه قال لابن عباس رضى الله تعالى عنهما وهو يفتى الناس فى المتعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، فرجع ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن ذلك وروى أنه قيل للنبى صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر: أكلت الحمر فأمر أبا طلحة رضى الله تعالى عنه ينادى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن لحوم الحمر فانها رجز - وروى فانها رجس - وهذه أخبار مستفيضة عرفها الخاص والعام وقبلوها وعملوا بها وظهر العمل بها وأما الآية فقد اختص منها أشياء غير مذكورة فيها فيختص المتنازع فيه بما ذكرنا من الدلائل مع أن ما روينا من الأخبار مشهورة ويجوز نسخ الكتاب بالخبر المشهور.
وعلى أن فى الآية الشريفة أنه لا يحل سوى المذكور فيها وقت نزولها لان الأصل فى الفعل هو الحال فيحتمل أنه لم يكن وقت نزول الآية تحريم سوى المذكور فيها ثم حرم ما حرم بعد، على أنا نقول بموجب الآية لا محرم سوى المذكور فيها ونحن لا نطلق اسم المحرم على لحوم الحمر الأهلية اذ المحرم المطلق ما تثبت حرمته بدليل مقطوع به فأما ما كانت حرمته محل الاجتهاد فلا يسمى محرما على الاطلاق بل نسميه مكروها فنقول بوجوب الامتناع عن أكلها عملا مع التوقف فى اعتقاد الحل والحرمة.
وأما الحديث فيحتمل أن يكون المراد من قوله صلّى الله عليه وسلّم: كل من سمين مالك، أى من أثمانها كما يقال فلان أكل عقاره، أى ثمن عقاره.