للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعالى لتأكلوها. فيكره أكلها. وتمام هذا الاستدلال أن الله تبارك وتعالى ذكر الأنعام فيما تقدم ومنافعها وبالغ فى ذلك بقوله تعالى: «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ»

وكذا ذكر فيما بعد هذه الآية الشريفة متصلا بها منافع الماء المنزل من السماء والمنافع المتعلقة بالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والمنافع المتعلقة بالبحر على سبيل المبالغة بيان شفاء لا بيان كفاية وذكر فى هذه الآية أنه سبحانه وتعالى خلق الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة ذكر منفعة الركوب والزينة ولم يذكر سبحانه وتعالى منفعة الأكل فدل أنه ليس فيها منفعة أخرى سوى ما ذكرناه ولو كان هناك منفعة أخرى سوى ما ذكرنا لم يحتمل أن لا نذكرها عند ذكر المنافع المتعلقة بها على سبيل المبالغة والاستقصاء وقوله عز وجل «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ» ولحم الخيل ليس بطيب بل هو خبيث لان الطباع السليمة لا تستطيبه بل تستخبثه حتى لا تجد أحدا ترك بطبعه الا ويستخبثه وينفر طبعه عن أكله وانما يرغبون فى ركوبه الا برغب طبعه فيما كان محبولا عليه وبه تبين أن الشرع انما جاء باحلال ما هو مستطاب فى الطبع لا بما هو مستخبث ولهذا لم يجعل المستخبث فى الطبع غذاء اليسر وانما جعل ما هو مستطاب بلغ فى الطيب غايته.

وأما السنة فما روى عن جابر رضى الله عنه أنه قال لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الأهلية فذبحوها فحرم رسول صلّى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأنسية ولحوم الخيل والبغال وكل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير، وحرم الخلسة والنهبة. وعن خالد بن الوليد رضى الله تعالى عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وعن المقدام ابن معدى كرب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: حرم عليكم الحمار الأهلى وخيلها. وهذا نص على التحريم. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخيل لثلاثة فهى لرجل ستر ولرجل أجر ولرجل وزر، ولو صلحت للأكل لقال صلّى الله عليه وسلّم:

الخيل لأربعة، لرجل ستر ولرجل أجر ولرجل وزر ولرجل طعام. وأما دلالة الاجماع فهى أن البغل حرام بالاجماع، وهو ولد الفرس فلو كانت أمه حلالا لكان هو حلالا أيضا لان حكم الولد حكم أمه لأنه منها وهو كبعضها، ألا ترى أن حمار وحش لو نزى على حمارة أهلية فولدت لم يؤكل ولدها ولو نزا حمار أهلى على حمارة وحشية وولدت يؤكل ولدها ليعلم أن حكم الولد حكم أمه فى الحل والحرمة دون الفحل، فلما