للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها حيث ذكرها فيقول بسم الله فى أوله وفى وسطه وفى آخره فان الشيطان يتقابأ ما أكله خارج الاناء. والاقتصار على بسم الله أحد قولين راجحين والآخر منهما أن لا يقتصر بل يكملها وهو المعتمد لأن التكميل تذكار نعمة المنعم. وقد ورد فى الحديث زيادة على التسمية: «وبارك لنا فيما رزقتنا». وان كان الطعام لبنا يزيد على ذلك وزدنا منه.

وندب لمن يأكل ومن يشرب أن يتناول باليمين لخبر «اذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه واذا شرب فليشرب بيمينه فان الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله.

وكذا يندب أن يحمد الله تعالى بعد الفراغ من طعامه أو شرابه لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يقول عند فراغه: الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» ويندب أن يكون ذلك سرا خوفا من حصول الخجل للغير قبل أن يشبع، ويندب الصلاة والسّلام على الواسطة فى كل نعمة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.

ويندب غسل اليدين بنحو أشنان لأن بقاء الغمر (١) يورث الجنون أو البرص أو أذية الهوام له - وأما غسلهما قبل الطعام له فالمشهور عندنا أنه مكروه قال الامام مالك رحمه الله تعالى:

وليس العمل على قول النبى صلّى الله عليه وسلم الغسل قبل الطعام ينفى الفقر، وبعده ينفى اللمم أى ليس عمل أهل المدينة عليه، ومذهبه تقديم العمل على الحديث الصحيح لعلمهم بحال النبى صلّى الله عليه وسلّم فما خالفوا الحديث الا لكون النبى صلّى الله عليه وسلم فعل خلافه، وقد غسل أمامنا مالك رضى الله تعالى عنه وعنا به قبل الطعام فيحمل ذلك على ما اذا كان باليد شئ أو كانت نفوس الحاضرين تأنف من ترك الغسل أو يكون من فى المجلس يده تحتاج الى الغسل ويقتدى به.

وبالجملة: غسل اليد قبل الطعام وان لم يكن سنة عندنا فهو بدعة حسنة ويجوز بلع ما بين الأسنان الا لخلطه بدم، فليس مجرد التغير يصيره نجسا خلافا لما قيل.

ويندب تنظيف الفم بالمضمضة والسواك وان لم يكن فى الطعام دسم لما تقدم من أنه ليس أضر على الملائكة من بقايا ما بين الأسنان، ويتأكد ذلك عند ارادة الصلاة.

ويطلب تخفيف المعدة بتقليل الطعام والشراب على قدر لا يترتب عليه ضرر ولا كسل عن عبادة فقد يكون الشبع سببا فى عبادة واجبة فيجب وقد يترتب


(١) الغمر بفتح الغين والميم: زنخ اللحم وجمعه غمور (القاموس المحيط‍ مادة غمر).