ويسن أن يحمد الله تعالى عقب الأكل فيقول: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وفى صحيح البخارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا رفع مائدته قال: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفى ولا كفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا وروى أبو داود باسناد صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم كان اذا أكل وشرب قال:
الحمد لله الذى أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا (١).
ويأكل الضيف مما قدم له بلا لفظ من مالك الطعام اكتفاء بالقرينة العرفية كما فى الشرب من السقايات فى الطرق، وما ورد فى الأحاديث الصحيحة من لفظ الاذن فى ذلك محمول على الاستحباب. نعم ان كان ينتظر حضور غيره فلا يأكل الا باذن لفظا أو بحضور الغير لاقتضاء القرينة عدم الأكل بدون ذلك هذا وليس للأراذل أن يأكلوا مما بين أيدى الأماثل من الأطعمة النفيسة المخصوصة بهم وبه صرح الشيخ عز الدين رحمه الله تعالى قال: اذ لا دلالة على ذلك بلفظ ولا عرف، بل العرف زاجر عنه.
ولا يأكل الضيف جميع ما قدم له وبه صرح ابن الصباغ.
قال ابن شهبة وفيه نظر اذا كان قليلا يقتضى العرف أكل جميعه. وهذا ظاهر اذا علم رضا مالكه بذلك.
وصرح الماوردى بتحريم الزيادة على الشبع أى اذا لم يعلم رضا مالكه وأنه لو زاد لم يضمن.
قال الأذرعى رحمه الله تعالى: وفيه وقفة - وحد الشبع أن لا يعد جائعا - وأما الزيادة على الشبع من مال نفسه الحلال فمكروه وكذا الزيادة على الشبع من مال غيره اذا علم رضا مالكه.
قال ابن عبد السّلام ولو كان الضيف يأكل كعشرة مثلا وكان مضيفه جاهلا بحاله لم يجز له أن يأكل فوق ما يقتضيه العرف فى المقدار. قال:
ولو كان الطعام قليلا فأكل لقما كبارا مسرعا حتى يأكل أكثر الطعام ويحرم أصحابه لم يجز له ذلك ويحرم التطفل وهو حضور الوليمة من غير دعوة - الا اذا علم رضا المالك به لما بينهما من الأنس والانبساط وقيد ذلك الامام بالدعوة الخاصة، أما العامة كأن فتح الباب ليدخل من شاء فلا تطفل.
ولا يتصرف الضيف فى الطعام ببيع ولا غيره الا بأكل لأن الأكل هو المأذون فيه عرفا، فلا يطعم سائلا ولا هرة الا أن علم رضا مالكه به وللضيف تلقيم صاحبه الا أن يفاضل المضيف
(١) مغنى المحتاج الى معرفة ألفاظ المنهاج ج ٤ ص ٢٨٥ نفس الطبعة المتقدمة.