للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان اغتسل فيه فلم يغتسل، والماء طاهر بحسبه وله أن يعيد الغسل منه.

والدليل ما حدثنا عبد الله بن يوسف أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يغتسل أحدكم فى الماء الدائم وهو جنب» فقال كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال:

يتناوله تناولا، فهذا أبو هريرة لا يرى أن يغتسل الجنب فى الماء الدائم.

ثم قال ابن حزم (١): لا يحل الوضوء بماء أخذ بغير حق ولا من اناء مغصوب أو مأخوذ بغير حق ولا يحل الغسل أيضا الا لصاحبه أو باذن صاحبه فمن فعل ذلك فلا صلاة له وعليه اعادة الوضوء والغسل.

برهان ذلك ما روى عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه: قعد النبى صلّى الله عليه وسلّم على بعيره فقال - وذكر الحديث وفيه ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فان الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه، فكان من توضأ بماء مغصوب أو أخذ بغير حق أو اغتسل به أو من اناء كذلك.

فلا خلاف بين أحد من أهل الاسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الاناء فى غسله ووضوئه حرام.

وبضرورة يدرى كل ذى حس سليم أن الحرام المنهى عنه هو غير الواجب المفترض عمله.

فاذ لا شك فى هذا فلم يتوضأ الوضوء الذى أمره الله تعالى به والذى لا تجزى الصلاة الا به بل هو وضوء محرم هو فيه عاص لله تعالى وكذلك الغسل.

ثم قال (٢): ومن مسح على ما فى رجليه ثم خلعهما لم يضره ذلك شيئا ولا يلزمه اعادة الوضوء ولا غسل رجليه بل هو طاهر، كما كان ويصلى كذلك.

وكذلك لو مسح على عمامة أو خمار ثم نزعهما فليس عليه اعادة وضوء ولا مسح رأسه بل هو طاهر كما كان ويصلى كذلك.

وكذلك لو مسح على خف ثم نزع الأعلى فلا يضره ذلك شيئا ويصلى كما هو دون أن يعيد مسحا.

وكذلك من توضأ أو اغتسل ثم حلق شعره أو تقصص أو قلم أظفاره فهو فى كل ذلك على وضوئه وطهارته ويصلى كما هو دون أن يمسح مواضع القص.

وهذا قول طائفة من السلف.

كما روينا عن عبد الرزاق عن سفيان الثورى عن الفضيل بن عمرو عن ابراهيم النخعى:

أنه كان يحدث ثم يمسح على جرموقين له من


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٢١٦ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ١٠٥، ص ١٠٨، ص ١٠٩ مسألة رقم ٢١٩ الطبعة السابقة.