للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورة تقتضى جواز تأجيرها للشريك لامكان الانتفاع بها حينئذ متى لم يكن هناك شريك آخر (١).

وجوز صاحباه تأجير الحصة الشائعة فى جميع الأحوال من غير تفصيل وهو مذهب الشافعية (٢)، والزيدية (٣)، والشيعة الإمامية (٤) واليه ذهب ابن حزم فى المحلى (٥).

ذلك لأن الاجارة ضرب من المعاوضة كالبيع، واذا جاز بيع المشاع جاز تأجيره والمشاع الانتفاع به مقدور بالمهايأة، وكما جازت اجارته للشريك اتفاقا تجوز اجارته لغيره، واذا كان الشيوع الطارئ لا يفسد الاجارة فكذلك المقارن، اذ الواقع أن الطارئ فيها مقارن أيضا لتجدد الاجارة آنافآنا.

ووجه قول أبى حنيفة أن المعقود عليه مجهول لجهالة محله اذ الشائع اسم لجزء من الكل غير محدد كالثلث، وهو غير معين، فأشبه اجارة عامل من عاملين، ثم أن منفعة الشائع غير مقدورة التسليم والاستيفاء اذ لا يتصور تسليمه بنفسه حقيقة وانما يتم تسليمه بتسليم باقى العين معه وذلك غير معقود عليه والانتفاع به بطريق التهايؤ ليس هو الانتفاع الذى يقتضيه العقد وهو الانتفاع بالحصة فى كل المدة اذ أن التهايؤ انتفاع بالكل فى بعض المدة وهذا غير مقتضى العقد ان كانت المهايأة زمنية، أما اذا كانت مكانية فان الانتفاع فيها يكون ببعض المستأجر وبغيره.

وفى الاجارة للشريك روايتان عن أبى حنيفة، كما أن الشيوع الطارئ فيه روايتان عنه كذلك، فى رواية يفسد الاجارة كالشيوع المقارن وفى رواية لا يفسد وهى المشهورة لأن ما يشترط‍ لابتداء العقد ليس بلازم أن يشترط‍ لبقائه.

وسواء عند أبى حنيفة أن تكون العين كلها لرجل فأجر نصفها لآخر أو كانت لاثنين فأجر أحدهما حصته فيها، وهذا ما ذكره الكرخى فى جامعه نصا عن أبى حنيفة وذكر أبو طاهر الدياس أن أبا حنيفة انما يرى عدم جواز اجارة المشاع فيما اذا أجر المالك بعض ما يملك، أما اذا أجر كل ما يملك فالعقد جائز بلا خلاف، والصحيح ما ذكره الكرخى.

وسواء فى هذا الحكم عنده أيضا أن تكون العين المشتركة مما يحتمل القسمة أو مما لا يحتملها غير أن المالك اذا أجر مشاعا ثم سلم بعد الافراز والقسمة صح العقد.

ويجوز عند أبى حنيفة اجارة مالكين لواحد، لأن المنافع تدخل فى يده جملة واحدة من غير شيوع ثم يستوفيها من غير مهايأة، واذا مات أحد المؤجرين فانقضت الاجارة بموته لم تفسد لطروء الشيوع عليها.


(١) شرح النيل ج‍ ٥ ص ٥٥.
(٢) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٢٧٦.
(٣) شرح الازهار ج‍ ٣ ص ٢٤٩.
(٤) تحرير الاحكام ج‍ ٢ ص ٢٤٣.
(٥) ج‍ ٨ ص ٢٠٠ مسألة ١٣٢٤.