للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى العناية على الهداية (١): أنه اذا صلى المسافر بالتيمم والماء فى رحلة فاما أن يكون عالما به بأن وضعه بنفسه أو وضعه غيره بأمره واما أن لا يكون عالما به بأن وضعه غيره بغير أمره.

فان كان الثانى فلا اعادة عليه بالاتفاق، لأن المرء لا يخاطب بفعل غيره.

وان كان الأول وصلى بالتيمم ظنا منه أن الماء قد فقد فعليه الاعادة بلا خلاف، لأن التفريط‍ جاء من قبله وان كان نسيانا منه ثم تذكر فلا اعادة عليه عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.

وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى عليه الاعادة سواء تذكر فى الوقت أو بعده، لأن التيمم انما هو لعادم الماء وهذا ليس بعادم له بل هو واجد له عادة، لأن الماء فى رحله ورحله فى يده والنسيان لا يضاد الوجود بل يضاد الذكر فلا ينتفى به الوجدان فصار كما اذا كان فى رحله ثوب فنسيه وصلى عاريا ولأن رحل المسافر معدن الماء عادة وهذا ظاهر وكل ما هو معدن الماء عادة يفترض على المتيمم طلب الماء فيه.

وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، لا نسلم أنه واجد للماء لأن المراد بالوجود القدرة، ولا قدرة الا بالعلم وكذلك ماء الرحل معد للشرب لا للاستعمال.

وذكر الزيلعى (٢): أنه لا يعيد الصلاة من صلى بالتيمم ناسيا الماء فى رحله.

وقال أبو يوسف يعيده.

والخلاف فيما اذا وضع الماء بنفسه أو وضعه غيره بأمره أو بغير أمره بعلمه.

فان كان بغير علمه لا يعيد اتفاقا.

ولو ظن أن ماءه قد فنى فتيمم وصلى، ثم تبين أنه لم يفن يعيد بالاجماع لأنه قد علم به فكان الواجب عليه الكشف فلا يعذر بترك الكشف وخطأ الظن.

وجاء فى الدر المختار (٣): أن من عجز عن استعمال الماء لبعده أو لمرض أو برد أو لخوف عدو تيمم وصلى ثم ان كان الخوف نشأ بسبب وعيد عبد أعاد الصلاة والا لا لأنه سماوى.

قال ابن عابدين: اعلم أن المانع من الوضوء ان كان من قبل العباد كأسير منعه الكفار من الوضوء ومحبوس فى السجن.


(١) العناية شرح الهداية للامام أكمل الدين محمد بن محمود البابرتى بهامش فتح القدير للكمال ابن الهمام ج ١ ص ٩٧ طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة ١٣١٥ هـ‍ الطبعة الاولى.
(٢) انظر من تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للامام العالم فخر الدين عثمان الزيلعى ج ١ ص ٤٣ طبع المطبعة الكبرى ببولاق مصر المحمية الطبعة الاولى سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٣) حاشية ابن عابدين والدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج ١ ص ٢١٧ الطبعة السابقة.