للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، انما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.

فقد جعل الحديث عدم الكلام فيها من حقها.

كما جعل وجود الطهارة فيها من حقها.

فكما لا يجوز مع عدم الطهارة لا يجوز مع وجود الكلام.

وقد أجابوا بأنه لا يصلح دليلا على البطلان، بل انه على محظور، والحظر لا يستلزم البطلان، ولذا لم يأمره بالاعادة، وانما أعلمه أحكام الصلاة.

قلنا: ان صح فانما بين الحظر حالة العمد والاتفاق على أنه حظر يرتفع الى الافساد.

وما كان مفسدا حالة العمد كان كذلك حالة السهو لعدم المزيل شرعا كالأكل والشرب.

فان أن فى صلاته أو تأوه أو بكى فارتفع بكاؤه فان كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطعها.

وان كان من وجع أو مصيبة قطعها لأن فيه اظهار الجزع والتأسف فكان من كلام الناس.

وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى أن قوله آه لا يفسد الحالين.

ومن عطس فقال له آخر يرحمك الله وهو فى الصلاة فسدت صلاته، لأنه يجرى فى مخاطبات الناس فكان من كلامهم.

بخلاف ما اذا قال العاطس أو السامع الحمد لله على ما قالوا، لأنه لم يتعارف جوابا.

وفى المبسوط‍ (١): وان قهقه فى صلاته استقبل الصلاة والوضوء ناسيا كان أو عامدا، لأن القهقهة أفحش من الكلام عند المناجاة.

لما روى أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن منصور بن زادان الواسطى عن الحسن عن معبد بن أبى معبد الخزاعى عن النبى صلّى الله عليه وآله وسلم قال: بينما هو فى الصلاة اذ أقبل أعمى يريد الصلاة فوقع فى زبية فاستضحك القوم فقهقهوا فلما انصرف صلى الله عليه وآله وسلم قال: من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة.

وان كان قهقه بعد ما قعد قدر التشهد قبل أن يسلم لم تفسد صلاته كما لو تكلم فى هذه الحال، لأنه لم يبق عليه شئ من أركان الصلاة ولكن يلزمه الوضوء لصلاة أخرى عندنا.

لا عند زفر رحمه الله تعالى.

وان سال (٢): من دمل به دم توضأ وغسل وبنى على صلاته كما لو رعف.

ومراده من هذا اذا سال بغير فعله.

فأما اذا عصره حتى سال أو كان فى


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج ١ ص ١٧١ الطبعة السابقة، وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى، ج ١ ص ٣٢ الطبعة السابقة، وفتح القدير ج ١ ص ٣٤ الطبعة السابقة
(٢) المبسوط‍ للسرخسى ج ١ ص ١٩٦