للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأوزاعى تفسد صلاته، لأنه فعل فبطل من غير جنس الصلاة فاستوى عمده وسهوه كالعمل الكثير.

ويدل لنا عموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان» ولأنه يستوى بين قليله وكثيره حال العمد ويعفى عنه فى الصلاة كالعمل من جنسها ويشرع لذلك سجود المهود فان ما يبطل عمده الصلاة اذا عفى عنه لاجل السهو شرع له السجود كالزيادة من جنس الصلاة ومتى كثر ذلك أبطل الصلاة بغير خلاف لأن الأفعال المعفو عن يسيرها اذا كثرت ابطلت فهذا أولى.

واذا تكلم المصلى (١) فى صلاته ناسيا وذلك نوعان.

أحدهما: أن ينسى أنه فى صلاة ففيه روايتان.

احداهما لا تبطل الصلاة، لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلّم تكلم فى حديث ذى اليدين ولم يأمر معاوية بن الحكم بالاعادة اذ تكلم جاهلا وما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان.

الثانية: تفسد صلاته وهو قول النخعى وقتادة وحماد بن أبى سليمان وأصحاب الرأى لعموم أحاديث المنع من الكلام ولأنه ليس من جنسه ما هو مشروع فى الصلاة فلم يسامح فيه بالنسيان كالعمل الكثير من غير جنس الصلاة.

النوع الثانى: أما أن يظن أن صلاته تمت فلكلم فهذا ان كان سلاما لم تبطل الصلاة رواية واحدة، لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه رضوان الله عليهم فعلوه وبنوا على صلاتهم ولأن جنسه مشروع فى الصلاة فأشبه الزيادة فيها من جنسها.

وان لم يكن سلاما فالمنصوص عن أحمد فى رواية جماعة من أصحابه أنه اذا تكلم بشئ مما تكمل به الصلاة أو شئ من شأن الصلاة مثل كلام النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم ذا اليدين لم تفسد صلاته.

وان تكلم بشئ من غير أمر الصلاة كقوله يا غلام أسقنى ماء فصلاته باطلة.

وقال فى رواية يوسف بن موسى من تكلم ناسيا فى صلاته يظن أن صلاته قد تمت ان كان كلامه فيما يتم به الصلاة بنى به على صلاته كما كلم النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم ذا اليدين.

واذا قال يا غلام اسقنى ماء أو شبهها أعاد.

ومن تكلم بعد أن سلم وأتم صلاته أى وهما يظنان أنهما أتما صلاتهما الزبير وابناه عبد الله وعروة رضى الله تعالى عنهم وصوبه ابن عباس رضى الله تعالى عنه ولا نعلم عن غيرهم فى عصرهم خلافه.


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٧٠٥، ص ٧٠٦ الطبعة السابقة