للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا حملا كان للمستعير أن يستعملها فى أى مكان وزمان شاء، وله أن يركب ويلبس ويحمل مما شاء، لأن المعير امره بالانتفاع مطلقا.

والمطلق يتناول أى انتفاع شاء فى أى وقت شاء. الا أنه ان كان المستعار مما يختلف باختلاف المستعمل كاللبس والركوب والزراعة كان تعيين نوع الانتفاع. والمنتفع مفوضا الى المستعير فان شاء استعمل الدابة مثلا فى الحمل عليها أو فى الركوب بنفسه أو غيره، وأى ذلك فعل تعين فلا يمكنه أن يفعل غيره بعد ذلك، لأن المطلق اذا تبين بقيد لا يبقى مطلقا بعد ذلك.

فاذا أركب المستعير غيره تعين هذا الغير منتفعا حتى لو ركب المستعير بعد ذلك بنفسه ضمن وهو الصحيح، لأن الانتفاع تعين بالفعل فيكون خلافه تعديا.

وقال شيخ الاسلام - المعروف بخواهر زادة - الاصح عندى أنه لا يضمن، لأن المستعير من المستعير اذا لم يضمن بالركوب أو اللبس لأنه استعمل المستعار باذن المستعير وتمليكه فبطريق الأولى أنه لا يضمن.

اذا ركب أو لبس بعد ذلك بنفسه، لأنه استعمله بالملك لأنه لو لم يملك ذلك لما ملك غيره. وكذلك تقيد الاعارة المطلقة عرفا بأن يكون الانتفاع مما يطيقه المستعار، فلا يحمل المستعير على الدابة المستعارة مثلا ما يعلم ان مثلها لا يستطيع مثل هذا الحمل، ولا يستعملها ليلا ونهارا اذا كان مثلها من الدواب لا يستعمل لذلك عادة حتى لو فعل فهلكت ضمنها، لأن العقد وان كان مطلقا الا أنه يتقيد بالعرف والعادة دلالة كما يتقيد نصا.

(ب).

وان كانت الاعارة مقيدة فيراعى فيها القيد ما أمكن، لأن الأصل اعتبار تصرف العاقل على الوجه الذى تصرف الا اذا لم يمكن أعتباره لعدم الفائدة ونحو ذلك فيلغوا القيد لأن ذلك يجرى مجرى العبث. ثم انما يراعى القيد فيما دخل فيه فقط‍ لا فيما لم يدخل، لأن المطلق اذا قيد ببعض الاوصاف يبقى مطلقا فهما وراءه وبيان ذلك فى مسائل.

(أولا) - ان كانت الاعارة مقيدة بالانتفاع دون الوقت بأن شرط‍ فيها أن ينتفع المستعير بنفسه أو غيره معينا فلا يجوز له أن يخالف ذلك التقييد فيما يختلف باختلاف المستعمل كالركوب واللبس ونحوهما، لأن اعتبار هذا القيد ممكن لأنه مقيد لتفاوت الناس فى استعمال الدواب والثياب ركوبا ولبسا فلزم اعتبار القيد فيه فان فعل حتى هلك المستعار ضمنه، لمخالفته، وان كان لا يختلف باختلاف المستعمل كما لو أعاره داره ليسكنها بنفسه فانه يجوز للمستعير أن يفعل ذلك بنفسه وبغيره، لأن المملوك بالعقد السكنى والناس لا يتفاوتون فيها عادة فلم يكن التقييد بسكناه مفيدا فيلغوا، ولكن ليس للمستعير أن يسكنها حدادا أو قصارا ونحوهما ممن يوهن عمله البناء، كما أنه ليس للمستعير أن يفعل ذلك بنفسه لأن المعير لا يرضى به عادة والمطلق يتقيده بالعرف والعادة. أما من حيث الوقت فى هذه الحال فالاعارة هنا باقية على اطلاقها فللمستعير أن يستعملها فى أى وقت شاء.