ثانيا - ان كانت مقيدة بالوقت كأن اتفقا على أن يستعمل المستعير العارية يوما واحدا تقيدت به حتى لا يجوز للمستعير أن ينتفع بها الا فى هذا الوقت المحدد حتى لو مضى اليوم ولم يردها على المالك مع امكان الرد ضمن اذا هلكت سواء استعملها بعد الوقت أم لا وسواء كان التأقيت نصا أو دلالة حتى لو استعار قدوما ليكسر به خشبا فكسره أو استعار كتابا ليحضر فيه درس فلان فأتمه أو ترك الدرس فانه يجب رده حتى لو أمسكه ضمن ولو لم يوقت، لأنه مقيد معنى.
وأما من حيث الانتفاع فى هذه الحال فهى باقية على اطلاقها فيجوز له الانتفاع مطلقا على الصفة المتقدمة فى المطلق عن الوقت والانتفاع.
ثالثا - ان كانت مقيدة بمكان معين - كما اذا اتفقا على أن يستعمل العارية فى مكان كذا فى المصر - تقيدت به وللمستعير أن يستعملها فى أى وقت شاء بأى وجه من وجوه الانتفاع، لأن التقييد لم يوجد الا بالمكان فبقى مطلقا فيما وراءه، لكنه لا يملك أن يجاوز ذلك المكان حتى لو جاوزه دخلت فى ضمانه.
رابعا - ان كانت مقيدة بوقت وانتفاع معا تقيدت من حيث الوقت كيفما كان، وكذا من حيث الانتفاع فيما يختلف باختلاف المستعمل. أما فيما لا يختلف فلا تتقيد به لعدم الفائدة على ما بيناه فى المقيدة بالانتفاع.
خامسا - لو قيدها المعير باستعمال العارية تقيدت به حتى لو أمسكها المستعير فى بيته ولم يستعملها حتى هلكت ضمنها، لأنه اعاره للأستعمال لا للامساك فيكون الامساك منه خلافا فيوجب الضمان، ثم فى كل موضع قلنا تتقيد الاعارة بالمسمى فليس للمستعير أن يخالفه الى ما هو فوقه فى الاضرار بالعارية ويجوز له أن يخالف الى ما هو مثل المسمى أو ما هو دونه فى الضرر، فان فعل فلا شئ عليه ان هلكت العارية وان خالف الى ما هو فوقه فى الضرر فهلكت فان كان من خلاف جنس المشروط والمسمى ضمن كل الدابة مثلا، لأنه متعد فى الجميع وان كان من جنسه ضمن بقدر الزيادة، لأنها هلكت بفعل مأذون فيه وغير مأذون فيه فيقسم على قدرهما لا اذا كان هذا الذى من الجنس قدرا لا تطيقه الدابة فيضمن الكل لكونه غير معتاد فلا يكون مأذونا فيه. وبيان ذلك فى مسائل.
منها لو أعاره دابة مثلا ليحمل عليها هذه الحنطة كان للمستعير أن يحمل عليها هذا القدر أو أقل منه من حنطة أخرى وكذا يكون له أن يحمل مثل قدر هذه الحنطة شعيرا أو دخنا أو أرزا أو غير ذلك مما يكون مثل الحنطة أو أخف منها استحسانا حتى أنها لو هلكت لا يضمن، لأن هذا وان كان خلافا صورة فليس بخلاف معنى، لأن المالك يكون راضيا به دلالة فلم يكن التقييد بالحنطة مقيدا والقياس أنه ليس له ذلك فيضمن لو هلكت، لأنه خالف،: وهو قول زفر. ولو أعاره على أن يحمل عليها أردبا من الشعير فليس له أن يحمل عليها اردبا من الحنطة، لأن الحنطة أثقل من الشعير وليس من جنسه فلم يكن مأذونا