فيه أصلا فكان اعتبار القيد مفيدا، ويصير غاصبا كل الدابة متعديا عليها ويضمن كل قيمتها ان هلكت .. ولو أعاره على أن يحمل عليها وزنا معينا من حنطة أو قطن فليس له أن يحمل عليها حطبا أو تبنا أو آجرا أو حديدا أو حجارة سواء كان ذلك مثل الحنطة فى الوزن أو أخف لأن ذلك أشق على الدابة فكان ضرره بالدابة أكثر والرضا بأدنى الضررين لا يكون رضا بأعلاهما فكان التقييد مقيدا فيلزم اعتباره فلو فعل حتى هلكت ضمن. ولو أعاره على أن يحمل عليها قدرا معينا من الحنطة فحمل عليها من الحنطة زيادة على المسمى فى القدر فهلكت نظر فى ذلك فان كانت الزيادة مما لا تطيق الدابة حملها يضمن جميع قيمتها، لأن حمل ما لا تطيق الدابة اتلاف لها.
وان كانت الزيادة مما تطيق الدابة حملها يضمن من قيمتها قدر الزيادة حتى لو أعاره على أن يحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها أحد عشر مختوما فهلكت يضمن جزءا من أحد عشر جزءا من قيمتها، لأنه لم يتلف منها الا هذا القدر، وكذلك ان أعاره ليركب بنفسه فأردف غيره فهلكت.
فان كانت الدابة مما تطيق حملهما جميعا يضمن نصف قيمة الدابة لأنه لم يخالف الا فى قدر النصف ولأن ركوب أحدهما مأذون فيه وركوب الآخر غير مأذون فيه فيضمن نصف قيمتها.
وان كانت الدابة مما لا تطيق حملهما ضمن جميع قيمتها لأنه استهلكها. ولو أرسل رجل رسولا يستعير له دابة من فلان الى مكة فاستعارها له الرسول الى المدينة فان ركبها المستعير الى مكة فهلكت تحته فهو ضامن لها، لأنه خالف المكان الذى أذن فيه المالك فصار مستعملا لها بغير اذنه، وهذا لأن ظنه غير معتبر انما المعتبر اذن المالك، ثم لا يرجع المرسل على الرسول بشئ لأنه لم يوجد منه عقد ضمان انما أخبره بخبر أو لم يخبره بشئ، ولكنه لم يبلغ رسالته كما أمره به، وذلك غير موجب للضمان. وأن بدا للمستعير أن يركبها الى المدينة وهو لا يشعر بما كان من قول الرسول فركبها فهلكت تحته فلا ضمان عليه، لأنه استعملها باذن مالكها.
ويملك المستعير أن يعير العين المعارة له ان لم يعين المعير منتفعا بأن صدرت الاعارة مطلقة وسواء كانت العين المعارة مما يختلف باختلاف المستعمل كاللبس والركوب والزراعة أم لا كالسكنى والحمل والاستخدام، لأن الاعارة تمليك المنافع واذا كانت تمليكا فمن ملك شيئا جاز له أن يملكه على حسب ما ملك ويكون ذلك من المستعير تعيينا للراكب واللابس على ما سبق.
وان عين المعير منتفعا فان كانت العين المعارة مما لا يختلف باختلاف المستعمل ملك المستعير أن يعيرها أيضا، وان كانت تختلف باختلاف المستعمل فلا يملك المستعير اعارتها، وذلك دفعا لمزيد الضرر عن المعير، لأنه رضى باستعماله لا باستعمال غيره.
وفى ايداع المستعير للعين المعارة له اختلف مشايخ المذهب.
فقال بعضهم ومنهم الكرخى: لا يملك المستعير أن يودعها مطلقا، واستدلوا على ذلك