للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهما بالذكر قال تعالى: «سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً» (١).

- ومن نذر اعتكاف شهر غير معين يلزمه اعتكاف شهر أى شهر كان متتابعا فى الليل والنهار سواء ذكر التتابع أم لا فيدخل المسجد قبل غروب الشمس فيعتكف ثلاثين ليلة وثلاثين يوما ثم يخرج بعد استكمالها بعد غروب الشمس، ولا ينفعه أن ينوى النهار فقط‍ أو الليل فقط‍ لأن الشهر اسم لزمان مقدر بثلاثين يوما وليلة مركب من شيئين مختلفين كل واحد منهما أصل فى نفسه فاذا أراد أحدهما فقط‍ فقد أراد بالاسم ما لم يوصع له ولا احتمله فبطل، لكن لو تلفظ‍ فقال لله على أن اعتكف شهرا: النهار دون الليل أو قال شهرا الا الليالى فليس عليه الا اعتكاف النهار فقط‍ لأنه لما قال النهار دون الليل فقد لغا ذكر الشهر بنص كلامه، وهو بالخيار ان شاء تابع وان شاء فرق.

والأصل فى ذلك أن كل اعتكاف وجب فى الأيام دون الليالى فصاحبه بالخيار ان شاء تابع وان شاء فرق، وكل اعتكاف وجب فى الأيام والليالى وجب متتابعا بالصوم.

ولو قال شهرا: الليل دون النهار أو قال شهرا الا النهار فلا يلزمه شئ لأن الليل لا يصح فيه الصوم الذى هو من شروط‍ الاعتكاف.

وخالف زفر فيما مر من لزوم التتابع، والرأى عنده أن التتابع لا يلزم الا بذكر التتابع أو نيته، فان لم يذكر التتابع ولم ينوه فهو بالخيار ان شاء تابع وان شاء فرق ودليله أن اللفظ‍ مطلق عن قيد التتابع ونيته فيجرى على اطلاقه كما فى الصوم.

واستدل من يوجب التتابع بأن الاعتكاف عبادة دائمة ومبناها على الاتصال لأنه لبث واقامة والليالى قابلة للبث فلا بد من التتابع وان كان اللفظ‍ مطلقا عن قيد التتابع لكن فى لفظه ما يقتضيه وفى ذاته ما يوجبه بخلاف الصوم اذ ليس مبنى حصوله على التتابع بل على التفريق لأن بين كل عبادتين منه وقتا لا يصلح لها وهو الليل.

ومن نذر اعتكافا فى شهر معين بأن قال لله على أن اعتكف رجب فانه يلزمه بصومه متتابعا.

مذهب المالكية:

يوجبون (٢): التتابع فى الاعتكاف المطلق.

فمن نذر ثلاثة أيام أو عشرة أو ثلاثين فيجب اعتكافها متتابعة لأن طريقة الاعتكاف وشأنه التتابع.

واختلف فى وقت الدخول:

فقيل: يجب أن يدخل قبل غروب الشمس على اعتبار أن أقله يوم وليلة، ورجحه الدسوقى.

وعلى القول بأن أقله يوم يجزئه الدخول قبل الفجر.

فان قيد النذر بتتابع أو عدمه عمل بما قيد ونوى.


(١) الآية رقم ٧ من سورة الحاقة ..
(٢) حاشية الدسوقى ج ١ ص ٥٥٠