للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكرر ذلك منه لزيادة تهاونه بالدين فيعزر فى المرة الثانية فما بعدها ولا يعزر فى المرة الأولى.

وحكى ابن يونس رحمه الله تعالى الاجماع عليه.

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى انما يعذر فى الثالثة.

ونقل عن أبى أسحاق المروزى رحمه الله تعالى انه يقتل فى الرابعة.

وقال الامام: وعد هذا من هفواته ولا بصح هذا عن أبى اسحاق وانما هو منسوب لاسحاق بن راهوية رحمه الله تعالى كما قاله القاضى حسين وغيره.

وقيل لا يصح اسلام من ارتد ان ارتد الى كفر خفى كزنادقة وهم من يظهر الاسلام ويخفى الكفر كما قالاه.

وقيل لا يقبل اسلامه ان ارتد الى كفر باطنية (١).

وان كان ارتد الى دين يزعم اهله أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم مبعوث الى العرب خاصة أو الى دين من يقول رسالته حق لكنه لم يظهر بعد أو جحد فرضا أو تحريما لم يصح اسلامه الى أن يقر بأن محمدا صلّى الله عليه وسلم رسول الى جميع الخلق ويرجع الثانى عما أعتقده.

ولا يكفى شهادة الفلسفى وهو النافى لاختيار الله تعالى أن الله علة الأشياء ومبدؤها حتى يشهدوا بالاختراع والأحداث من العدم.

ولا يكفى الطبائع القائل بنسبة الحياة والموت الى الطبيعة لا الى المحيى المميت حتى يقول لا اله الا الله ونحوه من أسماء الله تعالى، التى لا تأويل فيها.

وأما البرهمى وهو موحد ينكر الرسل فان قال مع لا اله الا الله، محمد رسول الله، فهو مؤمن. وان لم يذكر غيره من الرسل لأ ان قال عيسى وموسى وكل نبى قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم رسل الله لأن الاقرار برسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم اقرار برسالة من قبله لأنه شهد لهم وصدقهم.

والمعطل اذا قال محمد رسول الله قيل يكون مؤمنا لأنه أثبت المرسل والرسول.

والأصح أنه لا بد من أن يأتى بالشهادتين غيره.

ولو أقر يهودى برسالة عيسى لم يجبر على الاسلام كما لو أقر ببعض شرائع الاسلام كالصلوات الخمس وتقبل توبة مكذبة صلى الله عليه وسلم وكذا قاذفه على الأصح.

وقال ابو بكر الفارسى رحمه الله تعالى انه يقتل حدا ولا يسقط‍ بالتوبة.

وقال الصيدلانى رحمه الله تعالى يجلد ثمانين جلدة لأن الردة ارتفعت باسلامه وبقى جلده (٢).


(١) الباطنية هم القائلون بأن للقرآن باطنا وانه المراد منه دون الظاهر، وقيل هم ضرب من الزنادقة يزعمون ان الله خلق شيئا، ثم خلق منه شيئا آخر يدبر العالم، وسموا الأول العقل، والثانى النفس.
(٢) المغنى المحتاج الى معرفة معانى الفاظ‍ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب ج ٤، ١٢٩، ص ١٣٠ الطبعة السابقة.