السنة كمن قام برأى الخوارج ليخرج الأمر عن قريش أو ليرد الناس الى القول بابطال الرجم أو تفكير أهل الذنوب أو استقراض المسلمين أو قتل الاطفال والنساء واظهار القول بابطال القدر أو ابطال الرؤية أو الى أن الله تعالى لا يعلم شيئا الا حتى يكون أو الى البراءة عن بعض الصحابة أو ابطال الشفاعة أو الى ابطال العمل بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا الى الرد الى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الى المنع من الزكاة أو من اداء حق من مسلم أو حق الله تعالى فهؤلاء لا يعذرون بالتأويل الفاسد لأنها جهالة تامة.
واما من دعا الى تأويل لا يحل به سنة لكن مثل تأويل معاوية فى أن يقتص من قتلة عثمان رضى الله تعالى عنه قبل البيعة لعلى كرم الله وجهه فهذا يعذر لأنه ليس فيه احالة شئ من الدين وانما هو خطأ خاص فى قصة بعينها لا تتعدى، ومن قام لعرض دنيا فقط كما فعل يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان فى القيام على ابن الزبير، وكما فعل مروان بن محمد فى القيام على يزيد بن الوليد، وكمن قام أيضا على مروان، فهؤلاء لا يعذرون لأنهم لا تأويل لهم أصلا وهو بغى مجرد.
فاذا أريد انسان بظلم فمنع من نفسه لم يكن باغيا سواء اراد ظلمه الامام أو غيره لما روينا من طريق عبد الرزاق باسناده عن أبى قلابة قال ارسل معاوية بن أبى سفيان الى عامل له أن يأخذ الوهط (١).
فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته وقال: انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد».
قال ابن جريج رضى الله تعالى عنه: لما كان بين عبد الله بن عمرو بن العاص وبين عنبسة بن أبى سفيان ما كان وتيسروا للقتال ركب خالد بن العاص الى عبد الله بن عمرو فوعظه فقال له عبد الله بن عمرو بن العاص:
أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من قتل على ماله فهو شهيد» فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص بقية الصحابة وبحضرة سائرهم رضى الله تعالى عنهم يريد قتال عنبسة بن أبى سفيان عامل أخيه معاوية أمير المؤمنين اذ أمره بقبض الوهط، ورأى عبد الله بن عمرو أن أخذه منه غير واجب.
وما كان معاوية رحمه الله تعالى ليأخذ ظلما صراحا لكن أراد ذلك بوجه تأوله بلا شك.
- ورأى عبد الله بن عمرو ان ذلك ليس بحق ولبس السلاح للقتال ولا مخالف له فى ذلك من الصحابة رضى الله تعالى عنهم.
وهكذا.
فالخارجة على الامام اذا خرجت سئلوا عن خروجهم فان ذكروا مظلمة ظلموها انصفوا والا دعوا الى الفيئة.