للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان فاءوا فلا شئ عليهم.

وان أبوا قوتلوا (١).

فان تركوا القتال جملة منصرفين الى بيوتهم لم يحل اتباعهم اصلا.

وان كانوا منحازين الى فئة أو لائذين بمعقل يمتنعون فيه أو زائلين عن الغالبين لهم من أهل العدل الى مكان يأمنونهم فيه لمجئ الليل أو لبعد الشقة ثم يعودون الى حالهم فيتبعون، لأن الله عز وجل افترض علينا قتالهم حتى يفيئوا الى أمر الله تعالى.

فاذا فاءوا حرم علينا قتلهم وقتالهم فهم اذا ادبروا تاركين لبغيهم راجعين الى منازلهم أو متفرقين عما هم عليه فبتركهم البغى صاروا فائين الى أمر الله.

فاذا فاءوا الى أمر الله فقد حرم قتلهم.

واذا حرم قتلهم فلا وجه لاتباعهم ولا شئ لنا عندهم حينئذ.

وأما اذا كان ادبارهم ليتخلصوا من غلبة أهل الحق وهم باقون على بغيهم فقتالهم باق علينا بعد لأنهم لم يفيئوا بعد الى أمر الله تعالى (٢).

وعلى ذلك فاذا كان الباغون متأولين تأويلا يخفى وجهه على كثير من أهل العلم كمن تعلق بآية خصتها أخرى او بحديث قد خصه آخر أو نسخها نص آخر فهؤلاء كما قلنا معذورون، حكمهم حكم الحاكم المجتهد يخطئ فيقتل آخر مجتهدا أو يتلف مالا مجتهدا أو يقضى فى خرج خطأ مجتهدا ولم تقم عليه الحجة فى ذلك ففى الدم دية على بيت المال لا على الباغى ولا على عاقلته.

ويضمن المال كل من أتلفه ونسخ كل ما حكموا به ولا حد عليه فى وط‍ ء فرج جهل تحريمه ما لم يعلم بالتحريم وهكذا أيضا من تأول تأويلا خرق به الإجماع بجهالة ولم تقم عليه الحجة ولا بلغته.

وأما من تأول تأويلا فاسدا لا يعذر فيه لكن خرق الاجماع فى أى شئ وكان ولم يتعلق بقرآن ولا سنة ولا قامت عليه الحجة وفهمها وتأول تأويلا يسوغ وقامت عليه الحجة ولكنه عند، فعلى من قتل هكذا القود فى النفس فما دونها والحد فيما أصاب بوط‍ ء حرام وضمان ما استهلك من مال، وهكذا من قام فى طلب دنيا مجردا بلا تأويل ولا يعذر هذا أصلا لانه عامد لما يدرى انه حرام، وهكذا من قام عصبية ولا فرق، أما قولنا ان من لم تقم عليه الحجة فلا قود عليه ولا حد فلقول الله عز وجل:

«لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ» (٣).

ومن بلغ فلا حجة الا على من بلغته الحجة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وجعفر بن ابى طالب ومن معه من


(١) المحلى لابن محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ١١ ص ٩٧، وما بعدها الى ص ٩٩ مسئلة رقم ٢١٥٤، طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر بتحقيق محمد منير الدمشقى سنة ١٣٥٢ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج ١١ ص ١٠١ مسئلة رقم ٢١٥٤ نفس الطبعة.
(٣) الآية ١٩٠ من سورة الانعام من سورة