والرشاء فى البئر؟ قال: نعم قال: فهل تدرى ما الزنا؟ قال: نعم. أتيت منها حراما ما يأتى الرجل من امرأته حلالا. وذكر الحديث رواه أبو داود (١).
هذا ومن شرط اقامة الحد بالاقرار البقاء على الاقرار الى تمام الحد.
فان رجع عن اقراره أو هرب كف عنه.
وبهذا قال عطاء ويحيى بن يعمر والزهرى وحماد والثورى واسحاق رضى الله تعالى عنهم.
وقال الحسن وسعيد بن جبير وابن أبى ليلى رضى الله تعالى عنهم: يقام عليه الحد ولا يترك لأن ماعزا هرب فقتلوه ولم يتركوه، وروى انه قال: «ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان قومى هم غرونى من نفسى وأخبرونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلى فلم ينزعوا عنه حتى قتلوه» -.
أخرجه أبو داود ولو قبل رجوعه للزمتهم ديته ولأنه حق وجب باقراره فلم يقبل رجوعه كسائر الحقوق.
وحكى عن الاوزاعى رحمه الله تعالى انه ان رجع حد للفرية على نفسه ويدل لنا أن ماعزا هرب فذكر للنبى صلّى الله عليه وسلّم فقال:
«هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه».
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
ثبت من حديث أبى هريرة وجابر ونعيم بن هزال ونصر بن داهر وغيرهم «أن ماعزا لما هرب فقال لهم ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» ففى هذا أوضح الدلائل على أنه يقبل رجوعه، وعن بريده رضى الله تعالى عنه قال: «كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو قال لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وانما رجمهما عند الرابعة» رواه أبو داود رحمه الله تعالى، ولأن رجوعه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات، ولأن الاقرار احدى بينتى الحد فيسقط بالرجوع عنه كالبينة اذا رجعت قبل اقامة الحد.
وفارق سائر الحقوق فانها لا تدرأ بالشبهات.
وانما لم يجب ضمان ماعز على الذين قتلوه بعد هربه لأنه ليس بصريح فى الرجوع.
اذا ثبت هذا فانه اذا هرب لم يتبع لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «هلا تركتموه؟».
وان لم يترك وقتل لم يضمن لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يضمن ماعزا من قتله ولأن هربه ليس بصريح فى رجوعه.
وان قال ردونى الى الحاكم وجب رده ولم يجز اتمام الحد.
فان أتم فلا ضمان على من أتمه لما ذكرنا فى هربه.
(١) المغنى لأبى محمد عبد الله بن احمد ابن محمد بن قدامة المقدسى على مختصر ابى القاسم عمر بن حسين بن عبد الله بن احمد الخرقى ج ٨ ص ١٩١ وما بعدها الى ص ١٩٣ تعليق السيد محمد رشيد رضا، الطبعة الثالثة طبع دار المنار سنة ١٩٦٧ هـ