والجهل نوعان:
النوع الأول جهل تسامح صاحب الشرع عنه فى الشريعة فعفا عن مرتكبه، وضابطه ان كل ما يتعذر الاحتراز عنه عادة فهو معفو عنه، وله صور.
احداها من وطئ امرأة أجنبية بالليل يظنها امرأته أو جاريته عفى عنه لأن الفحص فى ذلك مما يشق على الناس.
الصورة الثانية: الجهل بنجاسة الاطعمة والمياه والأشربة يعفى عنه لما فى تكرر الفحص عن ذلك من المشقة والكلفة فالجاهل المستعمل لشئ منها لا اثم عليه بذلك.
الصورة الثالثة لا اثم على من شرب خمرا يظنه جلابا فى جهله به لمشقة فحصه عنه.
الصورة الرابعة: لا اثم على من قتل مسلما فى صف الكفار يظنه حربيا فى جهله به لتعذر الاحتراز عن ذلك فى تلك الحالة.
الصورة الخامسة: لا اثم على الحاكم يقضى بشهود الزور جاهلا بحالهم لتعذر الاحتراز من ذلك عليه.
الصورة السادسة اذا كان الشاهد من جهلة العوام فانهم يتسامحون فى مثل ذلك قال ابن عبد السّلام رحمه الله تعالى فينبغى عندى أن يعذروا به.
النوع الثانى:
جهل لم يتسامح صاحب الشرع عنه فى الشريعة فلم يعف عن مرتكبه، وضابطه ان كل ما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه، وهذا النوع يطرد.
فى اصول الدين واصول الفقه وفى بعض أنواع من الفروع.
أما أصول الدين فلأن صاحب الشرع لما شدد فى جميع الاعتقادات تشديدا عظيما بحيث أن الانسان لو بذل جهده واستفرغ وسعه فى رفع الجهل عنه فى صفة من صفات الله تعالى أو فى شئ يجب اعتقاده من اصول الديانات ولم يرتفع ذلك الجهل لكان يترك ذلك الاعتقاد آثما كافرا يخلد فى النار على المشهور من المذاهب مع انه قد أوصل الاجتهاد حده وصار الجهل له ضروريا لا يمكنه دفعه عن نفسه حتى صارت هذه الصورة فيما يعتقد انها من باب تكليف ما لا يطاق، وبحيث انه يكلف بأدلة الوحدانية ودقائق أصول الدين نحو المرأة البلهاء المفسودة المزاج الناشئة فى الاقاليم المنحرفة عما يوجب استقامة العقل حتى صار تكليف من لا يفهم القول وبعدت اهليته لهذه الغاية بذلك من باب تكليف ما لا يطاق لما اختصه الشرع بثلاثة احكام عن الفقه.
احدهما: ان المصيب واحد.
وثانيهما: ان المخطئ فيه آثم.
وثالثها: لا يجوز التقليد فيه.
وأما اصول الفقه فقال العلماء يلحق باصول الدين، قال ابو الحسن رحمة الله تعالى فى كتاب المعتمد فى أصول الفقه ان اصول الفقه اختص بثلاثة احكام عن الفقه.
ان المصيب فيه واحد.
والمخطئ فيه آثم ولا يجوز التقليد فيه.